منظومة “الحكومة الإلكترونيّة”: مطلب ملحّ في عالم سريع المتغيّرات
شهدت البيئة الإدارية للحكومات المعاصرة متغيرات متتالية في عالم سريع التغييرات بحيث أصبحت الإدارة بأسلوب الأمس غير مناسبة لتحديّات اليوم والغد، حيث تعد جودة الخدمات الحكومية مطلبا أساسيا للوفاء برسالة الوحدات الحكومية والتخفيف على كاهل طالبي الخدمة من المواطنين والمستثمرين، فإذا كان تحقيق مستوى خدمات أفضل للمواطنين مازال وسيظل الهدف الأسمى للحكومات.
وإذا كانت حاجات ومتطلبات هؤلاء المواطنين متعددة ومتجددة باستمرار، فإن التغيير والتطوير المخطط لابد وأن يوجد لإحداث التكيف مع المتغيرات البيئة الجديدة للحكومة، وهوما انبثق عنه ميلاد مصطلح “الحكومة الإلكترونية” التي تعد جزء لا يتجزأ من “الإدارة
الإلكترونية” باعتبارها منظومة متكاملة وفضاء رقمي يشمل كل من الأعمال الإلكترونية للدلالة على الإدارة الالكترونية للأعمال.
لقد شرعت العديد من دول العالم في تبنى مفهوم “الحكومة الإلكترونية” سواء في البلدان المتقدمة أو النامية، على مستوى الحكومة المركزية أو الإدارة المحلية، وذلك من خلال عرض معلومات في غاية الأهمية على شبكات الانترنت، مما ساهم في تطوير مردودية الجهاز الحكومي، فتبني أسلوب عمل جديد مثل هذا داخل أجهزة الدولة والحكومة يسهل ويسرع أداء الأعمال والإجراءات الحكومية بفاعلية مما يدفع إلى خلق نوع من الشفافية ويساهم ولو جزئيا في القضاء على البيروقراطية، أين يمكن أن نعتبر الخدمات الحكومية
الإلكترونية نوع من أنواع الخدمات التكنولوجية التي تساهم بشكل كبير في الوصول إلى المجتمع الرقمي.
تعريف “الحكومة الالكترونية”
لا يوجد تعريف محدد لمصطلح الحكومة الإلكترونية نظراً للأبعاد التقنية والإدارية والتجارية والاجتماعية التي تؤثر عليها. وهناك عدة تعريفات للحكومة الإلكترونية من أكثر من جهة دولية، وفي سنة 2002 عرّفت الأمم المتحدة الحكومة الالكترونية بأنها “استخدام الإنترنت والشّبكة العالمية العريضة لتقديم معلومات وخدمات الحكومة للمواطنين”، وهي أيضا “المصلحة أو الجهاز الحكومي الذي يستخدم التكنولوجيا المتطورة وخاصة الحاسبات الآلية وشبكات الإنترانت والإكسترانت والإنترنت التي توفر المواقع الإلكترونية المختلفة لدعم وتعزيز الحصول على المعلومات والخدمات الحكومية وتوصيلها للمواطنين ومؤسسات الأعمال في المجتمع بشفافية وبكفاءة وبعدالة عالية”.
وهي أيضا “نسخة الافتراضية عن الحكومة الحقيقية أي التقليدية مع الفارق أن الاولى تعيش في الشبكات الالكترونية والانظمة المعلوماتية، في حين تحاكي الوظائف الثانية التي تتواجد بشكل مادي في أجهزة الدولة”.
وهي، “تحول المصالح الحكومية وجهات القطاع الخاص نحو قضاء وظائفها ومهامها فيما يتعلق بخدمة الجمهور، أو فيما بينها وبعضها البعض، بطريقة إلكترونية، عن طريق تسخير تقنية المعلومات ووسائل الاتصال الحديثة”.
وهي كذلك، “النظام الافتراضي المعلوماتي الذي يمكن الأجهزة الحكومية المختلفة من تقديم خدماتها في إطار تكاملي، لجميع فئات المستفيدين، باستخدام التقنية الالكترونية المتطورة، متجاوزة عامل التواصل الزماني أو المكاني، مع استهداف تحقيق الجودة والتميز وضمان السرية والأمن المعلوماتي، والاستفادة من معطيات التأثير المتبادل”.
فلسفة الحكومة الإلكترونية
الفلسفة التي تقوم عليها الحكومة الإلكترونية تتركز في نظرتها إلى الحكومة التقليدية كمصدر للخدمات والكيفية التي يتم من خلالها تقديم الخدمات للمواطنين والشركات كعملاء أو زبائن لدى الحكومة، وما هي نظرة هؤلاء حيال طرق وآليات تقديم الخدمات.
إن البيروقراطية في نظم عمل الحكومات التقليدية انعكست على ثقة العملاء بالحكومات وطرق الحصول على الخدمات من خلالها، بسبب الروتين والتعقيدات والتعسف الذي يلاقيه من يريد الحصول على الخدمات الحكومية.
من هنا كان لابد من اتخاذ مجموعة من الإجراءات لبناء الثقة بين العملاء والحكومة الإلكترونية، من خلال تبني أساليب وطرق متطورة واستغلال تكنولوجيا المعلومات لتقديم خدمات حكومية بمواصفات جيدة للعملاء.
إن تقديم الخدمات من خلال الحكومة الإلكترونية يزيد كفاءة أداء الجهاز الحكومي بحيث لا يضيع الجهد والوقت والتكاليف دون أي عائد، بل يتم استغلال الطاقات البشرية للعاملين في القطاع الحكومي في التركيز على التحقق من دقة وسلامة المعلومات بدلا من المجهود المبذول في الأعمال اليدوية المجهدة.
مبادئ الحكومة الإلكترونية
لقد وضع مجلس التميز الحكومي في الولايات المتحدة الأمريكية سبعة مبادئ إرشادية حول ماهية الحكومة الالكترونية، وتتلخص فيما يلي:
– سهولة الاستعمال: من خلال ربط الجمهور بحكوماتهم الوطنية أو الإقليمية أو العالمية حسب احتياجاتهم ورغباتهم.
– الإتاحة للجميع: يجب أن تكون متاحة للجميع في المنزل، العمل، المدارس، المكتبات، لتمكن من التواصل مع الحكومة الالكترونية أومن أي موقع يناسب المستخدم.
– الخصوصية والأمان: التمتع بمعايير الخصوصية والسرية المناسبة والأمن والمصداقية، الأمر الذي يؤدي إلى النمو والتطوير في مجال خدمات الجمهور.
– التحديث والتركيز على النتائج: الاتصاف بالسرعة لمواكبة التغيرات والتطورات الحديثة والمتطورة في التقنية.
– التعاون والمشاركة: مشاركة كافة المنظمات الفاعلة في المجتمع من هيئات حكومية، أو غير الحكومية، أو الخاصة أو البحثية في وضع الحلول المجتمعة والمتطورة كل حسب خبرته وتجربته.
– قلّة التكلفة: من خلال الاستراتيجيات الاستثمارية التي تؤدي إلى تحقيق الكفاءة والأداء المستمر، مما يؤدي بدوره إلى تقليل التكاليف.
– التغيير المستمر: يعتبر أسلوب العمل الحكومي ليس لتمويل الممارسات التطبيقية الحالية فقط وذلك من خلال العمل على استخدام التقنية وتطبيقها وتحقيقها على المستوى الفردي السطحي.