الكلاب السّائبة في تونس، 45 ألف “عضّة” و6 وفيات بداء الكلب سنويّا
أظهرت إحصائيات رسميّة حديثة أنّ عدد الكلاب السائبة في تونس يناهز “نصف مليون” رغم إبادة نحو 40 ألف كلب سنويّا من قبل المصالح البلديّة المختصّة، حيث تتسبّب هذه الظاهرة التي تفاقمت في السنوات الأخيرة نتيجة تدهور محيط العيش في مخاطر صحيّة جسيمة على المتضرّرين تصل إلى الوفاة، حيث تمّ خلال سنة 2015 تسجيل 6 حالات وفاة مقابل 3 حالات سنة 2014 ، وتمّ رصد ما يناهز 45 ألف إصابة (عضّة) استوجبت التّلقيح علاوة على الخسائر الكبرى المسجّلة على مستوى قطيع الأغنام والأبقار والتي شملت كافة مناطق الجمهوريّة دون استثناء.
وكشفت وزارة الصّحة في بلاغ نشرته يوم الجمعة 26 جوان 2015 أن حالات الوفاة بداء الكلب ما انفكّت ترتفع وتيرتها لتبلغ ذروتها خلال سنة 2015 حيث تضاعفت إلى حدود 6 حالات مقارنة بـ 3 حالات سنة 2014، داعية المواطنين وجميع الأطراف المعنيّة إلى المشاركة بفاعليّة من هذا الداء من خلال “تبنّي سلوك وقائي مسؤول مؤكّدة على ضرورة تلقيح الكلاب والقطط ضدّ داء الكلب كلّ عام بالنظر إلى كونه أنجع وسيلة لفكّ حلقة العدوى وذلك إلى جانب حسن التصرّف في الفضلات المنزليّة وافرازات المسالخ بما يمكّن من مقاومة تكاثر وانتشار الكلاب السّائبة وفضّ تجمّعاتها.
وقد صرّحت الطبيبة المختصّة في مجال “داء الكلب” بوزارة الصحّة “إشراف الزّاوية” أنّ زهاء “47 ألف تونسي يتعرّضون سنويا إلى اصابات من قبل الكلاب السّائبة في مختلف ولايات الجمهورية”، لافتة إلى أنّ تونس حطّمت سنة 2014 الرقم القياسي في أعداد المواطنين المصابين بداء الكلب الذين تمت رعايتهم والإحاطة بهم صحيّا.
وكانت إدارة الشّرطة البلدية أعلنت يوم 19 سبتمبر 2015 أنّ الحملة الوطنية لقنص الكلاب السائبة التي أنجزتها لمدة 4 أيّام بمعدل حصتين في اليوم صباحية وليلية، أسفرت عن قنص 1199 كلبا في كامل تراب الجمهورية، من بينها 534 في الحصة الصباحية و665 كلبا في الفترة الليلية الى حدود الخامسة صباحا، وذلك استنادا إلى تصريح أدلى به الناطق الرسمي باسم نقابة الشرطة البلدية “المنتصر بالله بربيرو”.
وجدير بالذّكر أنّ وزارة الصّحة تؤمّن لفائدة المواطنين الإحاطة الطبيّة الوقائيّة منها والعلاجيّة في جميع الهياكل الصحيّة العموميّة ذات الاختصاص، والبالغ عددها 360 مؤسسة موزّعة على كامل تراب الجمهوريّة و”معهد باستور”.
لكن رغم المجهودات المبذولة من قبل وزارة الصحة ورغم عمليّات التدخّل المتواصلة على مدار السنة لا سيما عبر حملات قنص الكلاب السّائبة من قبل المصالح البلديّة إلاّ أنّ الظاهرة ما تنفكّ تتفاقم مسببة أضرارا صحيّة على المواطنين ومخاوفة متزايدة في صفوفهم، وخاصّة بالنسبة لفئة الأطفال والنساء وكبار السنّ، كما أثار تفشي الظاهرة بشكل لافت ومفزع استياء شريحة واسعة من المواطنين ورفع تشكيّاتهم إلى السّلطات المعنيّة إلاّ أن هاته الاخيرة لم تنجح بعد في التصدي التامّ والقضاء نهائيّا على هذه الظاهرة التي تساهم في تناميها عديد الأسباب.
تكاثر مصبّات الفضلات العشوائية
حكاية الكلاب السائبة في تونس هي في الواقع حكاية مصبات الفضلات والأوساخ المنتشرة في عدد من أحياء العاصمة والتي بلغت حدّا لا يطاق لا سيما بعد الثورة حيث تتكدّس جبال من النفايات دون مراعاة أنى شروط سلامة المحيط ودون اعتبار لصحّة متساكني تلك الأحياء، فالهجمة التي يتعرّض لها يوميّا المتساكنون سواء في أحياء العاصمة أو سكّان اقليم “تونس الكبرى” وأيضا كثير من ولايات ومناطق الجمهوريّة المتضرّرة من طرف جيوش من القطط الشّاردة والكلاب السائبة التي لا سبيل ولا وجهة لها غير أكوام الفضلات المنزليّة وأكوام النفايات التي تلقي بها المصانع والشركات المتركّزة بمحاذاة المناطق الآهلة بالسكّان علّها تعثر على ضالتها وبما تسدّ به رمقها.
ويشتكي سكّان “الأحياء الشعبيّة” الواقعة بجميع أنحاء البلاد بصفة خاصّة من تفشّي ظاهرة الكلاب السّائبة التي باتت تتجوّل حرّة طليقة في الشّوارع والأنهج وأمام أبواب المنازل مؤكّدين أنّ انتشار الكلاب السائبة ليلا ونهارا يعود إلى نقاط رمي الفضلات التي قالوا إنّها انتشرت، انتشار النّار في الهشيم، وبشكل عشوائي داخل الأحياء، لافتين الانتباه إلى أنّ الأمر تحوّل إلى معضلة وأمسى كارثة في نفس الوقت خاصّة بالنظر إلى تكرار تخلّف عمّال النظافة عن رفع ركام النفايات سواء بسبب تعطّل آليّات عملهم أو على خلفيّة اكتفاء حمولة المجرورة وعدم استيعابها لأطنان القمامة الملقاة وكذلك خلال فترة نهاية الأسبوع.
الكلاب السّائبة في المؤسّسات الرسميّة والعموميّة
ظاهرة الكلاب الشّاردة لم تقتصر على الفضاء الخارجي حيث بلغ الأمر إلى حدّ دخولها إلى ساحات المؤسسات التربويّة وفي بعض الأحيان إلى قاعات الدّرس بالنسبة إلى الأقسام التي تفتقد إلى مواصفات البناء المدروس، ويؤكّد موظفون منهم إطارات وأعوان يشتغلون ببعض الإدارات والمنشآت والهياكل والمؤسسات الرسميّة والعموميّة أنّهم يلمحون بين وقت وآخر دخول كلب شارد أو مجموعة كلاب سائبة إلى حرم المؤسسة، وأنّ الظاهرة شملت مقرّات البلديّات والمعتمديّات والولايات و”دور الثقافة” وعدد من مؤسسات خدمات البريد وفروع شركات “الكهرباء والغاز” و”استغلال وتوزيع المياه” و”اتصالات تونس” وعديد المصالح الأخرى.
ويرجع المتابعون “تجرّؤ” الكلاب الشاردة حتّى على مؤسسات الدولة في وقت نشاطها وتواجد الموظفين والمواطنين بها هو فقدان مقومات السلامة الحقيقيّة لتعهدها سواء عبر تسييج هذه المؤسسات وإحاطتها بأسوار عالية وكذلك بسبب أبوابها المفتوحة دون رقيب طيلة اليوم أو لفترات خاصّة في ظلّ غياب “الحارس” المكلف لهذا السبب أو ذاك.
ولايات اقليم تونس الكبرى “ولاية تونس”
تشاهد أعين المارّة وسوّاق السيّارة منذ الصباح الباكر وإلى حدود وقت متأخّر من اللّيل قطعان من الكلاب تصول وتجول في الشوارع والأزقّة وعلى جنبات الطريق المعبّد وأحيانا تروغ عن اليمين والشمال متجوّلة بين العربات وسط الطريق، مشهد يتكرّر في مناطق “حيّ الزّهور”، “الزّهروني”، “السّيجومي”، “الرّابطة”، “راس الطّابية”، وحتّى مناطق تصنّف على أنّها راقية نسبيّا لم تسلم من هجمات و”غارات” هذه النوعيّة من الكلاب على غرار منطقتي “باردو” و”حيّ بن خلدون” و”حيّ فرنسا”.
وكانت “الخيمة البيطريّة 14” من أبرز عناوين البرامج والحملات السنويّة التي أنجزتها ولاية تونس في نطاق تنفيذ “الخطّة السنويّة للبرنامج الوطني لمكافحة داء الكلب” بمشاركة جملة من الأطراف المتداخلة ممثلة بالخصوص في “النيابات الخصوصيّة” للبلديات الراجعة بالنظر للجهة وممثلين عن الإدارات الجهويّة للصحة والتنمية الفلاحيّة وعدد من الجمعيّات على غرار “جمعيّة الصيّادين بولاية تونس”.
“ولاية أريــانة “
لم يعد مكان عصيّ استباحته على جحافل الكلاب السائبة في جهات أريانة المختلفة، وهي عديدة ومترامية الأطراف من ذلك بعض الأحياء الشعبيّة الكبرى التي تشهد تجمعات صباحيّة ومسائيّة من أبرزها “حيّ التّضامن” ذي الحجم الديمغرافي الواسع، والذي تتركّز فيه أسواق كبرى يوميّة على غرار السوق الواقعة بشارعي “105” و”106″ أو السوق الأسبوعيّة حيث تتحلّق عشرات بل مئات من الكلاب السائبة حول ركام فضلات الخضر والغلال بعد أن ينفض أهل السوق بضاعتهم ويستكملون يوم تجارتهم، ناهيك أنّ الأمر لا يختلف في مناطق “النقرة” و”المنيهلة” و”حيّ الإنطلاق” و”حيّ الرفاهة” وغيرها من الأحياء الشعبيّة المتاخمة، وكذلك في التلّة الغابية الدائريّة القريبة من المجمّع الصحّي بأريانة.
“ولاية مـنّوبة”
في ولاية منوبة يتعرّض المواطنون وخاصّة التلاميذ الصغار لهجوم الكلاب الشاردة خلال ذهابهم لمدارسهم أو عودتهم إلى منازلهم في الفترتين الصباحيّة والمسائيّة سواء من مدارسهم الابتدائية أو الإعداديّة أو حتّى المعاهد الثانويّة، وقد أطلق أهالي كثير من مناطق الولاية صرخات استغاثة إلى المسؤولين المحليين والجهويين والمركزيين أيضا قصد تجنيبهم المخاطر المحدقة بهم من جولان الكلاب العاقرة في محيط عيشهم، آخر هذه النّداءات صدرت يوم 26 فيفري 2016 عن متساكني “وادي الليل” والمناطق المتاخمة من بينها “دوّارهيشر”، “بجاوة”، “القبّاعة”، “شبّاو”، وكذلك جهات “طبربة” و”الجديدة” و”سيدي ثابت” التي لا تخلو من تواجد هذه الظاهرة مثلها مثل بقيّة مناطق الولاية.
“ولاية بن عروس”
يقول الكثير من الأهالي القاطنين بالضّاحية الجنوبيّة بالعاصمة أنّ “الكلاب السائبة” أضحت طاعونا نزل بعديد مناطق ولاية “بن عروس” والذين أجمعوا على استفحاله منذ سنة 2012، لافتين إلى أنّ الظاهرة باتت تقضّ مضاجع الصغار والكبار لا سيما في جهات “حمّام الأنف” و”رادس” و”الزّهراء” و”مقرين”، وكذلك في مناطق “المروج” والأحياء الشعبيّة المحيطة خاصّة “نعسان”.
ومن ناحيتها تؤكّد المصالح البلديّة بالولاية أنّها تضع مسألة “الكلاب السائبة” ومقاومة “داء الكلب” في سلّم أولويّاتها وفي إطار المحافظة على صحة المواطنين وضمان سلامتهم، حيث يتمّ بصفة دوريّة عقد جلسات بمقر ولاية بن عروس خلال السنوات الأعوام الثلاثة الأخيرة ووقع اتّخاذ جملة من التّدابير أهمّها التّكثيف من حملات قنص الكلاب السائبة ودعوة البلديات للعمل على القضاء على المصبّات العشوائية للفضلات وتكثيف حملات النّظافة ودعوة المصالح الجهوية للصحة العمومية لتكثيف عمليات التحسيس والتوعية بأهمية التّلقيح ضدّ داء الكلب.
ويذكر أنّ والى بن عروس “عبد اللطيف الميساوى” كان قد أعلن في تصريح إذاعي يوم الإثنين 29 سبتمبر 2014 عن اعتبار منطقة” برج السدرية” “منطقة متعفنة بداء الكلب لمدة 3 أشهر”، وجاء هذا القرار حسب تصريحات الوالي وقتها بعد تسجيل ادارة الصحة البيطرية بالمندوبية الجهوية للفلاحة حالة اصابة بشرية بمرض “داء الكلب”، حيث انعقدت على إثره جلسة عمل للخلية الجهوية لمقاومة داء الكلب بمقر الولاية، تمّ على ضوئها وضع المنطقة المذكورة تحت المراقبة الصحية البيطرية الى حين القضاء على بؤر التعفن.
“القصــرين” (وفاة طفل بداء الكلب في 2015)
مع تواجد العشرات من المصبات العشوائية بعديد الأحياء السّكنية المحيطة بمدينة القصرين و داخل الأودية الكثيرة التي تشقّها وعلى جانبي الطّريق الحزاميّة تتكاثر أعداد الكلاب السائبة بشكل لافت، حيث أصبحت هذه الحيوانات تتجوّل في شكل جماعات صغيرة تتكون بين 3 و 5 كلاب مثيرة الذعر في صفوف متساكني مختلف مناطق المدينة ، و يقول بعض الأهالي أنّه رغم التنبيه من خطورة تفشي تكاثر الكلاب الشاردة في المدينة و رغم اطلاق صيحات فزع من قبل مصالح “مجمّع الصحة الاساسية بالقصرين” للمطالبة بالتصدي لهذه الظاهرة فإن “السلط المسؤولة و خاصة البلدية لم تتحرك بالشكل المطلوب، الأمر الذي انجرّ عنه مهاجمة كلب سائب لعدة أشخاص بين “حيّ عين الخضراء” و “حيّ الزهور” و التسبب لبعضهم في جروح خطيرة منهم “التلميذ سليم الدّخيلي” ( 12 سنة ) الذي توفّي متأثّرا بما خلّفه له الكلب من اصابات في وجهه تسببت له في وصول ” فيروس ” داء الكلب الى جهازه العصبي و تدميره.
وتفيد الأخبار الواردة من الجهة أنّ بلديّة المكان سارعت إثر الحادثة في التعامل مع الظاهرة بجديّة وشرعت في القيام بحملات دوريّة مكّنت من التخلّص من مئات الكلاب السائبة في ظرف أسابيع قليلة حيث تقدّر السلط الصحية والمصالح البيطرية، وعديد العارفين بالجهة، أنّ أعداد هذه النوعيّة من الكلاب تناهز الآلاف وأنّها تعدّ خطرا حقيقيّا يهدّد حياة المتساكنين.
“ولاية الشّمال الغربي”
ظاهرة الكلاب السائبة ليس أمرا جديدا بالنسبة لولايات اقليم الشمال الغربي الأربع (باجة، سليانة، جندوبة والكاف)، على اعتبار أنّ أغلب متساكني المناطق الريفيّة لا سيما الفلاّحين من أصحاب الضّيعات الكبرى والمزارع الشّاسعة يعتمدون بشكل أساسي على الكلاب خاصّة لحراسة ديارهم ولمرافقة قطعان الأغنام خوفا من هجمات الذئاب والخنازير، وكذلك لحراسة زراعاتهم وممتلكاتهم من الأدوات الفلاحيّة على غرار آلات الحراثة والحصاد، الأمر الذي يجعل اقليم الشمال الغربي يعجّ بمئات الآلاف من هذه النوعيّة من الكلاب، حيث يؤكّد الأهالي وكذلك مختصّون جهويّون في مجال الصحّة أنّ عدم التعهّد الصحّي بهذه الحيوانات وعدم الإحاطة بها من قبل مالكيها يجعلها عرضة للمرض بـ”داء الكلب” ثمّ نقل فيروساته الخطيرة والقاتلة للمصابين عند مهاجمتهم من طرف هذه الكلاب المريضة.
وتشهد مناطق عديدة اجتياحا عارما للكلاب الشاردة التي تتجوّل، بلا حسيب ودون رقيب، في الجبال والهضاب والأودية وفي المسارب الفلاحيّة الضيّقة التي يسلكها المتساكنون في حلّهم وترحالهم وخاصّة تلاميذ المدارس علاوة على الأسواق الأسبوعيّة التي تلمح فيها عشرات الكلاب تتجوّل بمحاذاة النّاس، وتلتهم ما تقع عليها من فضلات اللحوم والجلود التي ترميها مسالخ الجزارة أو بقايا الأسماك ونفايات الدجاج.
وقد طالبت منظمات وجمعيّات تنشط في إطار مكونات المجتمع المدني بولايات اقليم الشمال الغربي السلط الجهويّة والمركزيّة المعنيّة باتخاذ التدابير الحقيقيّة التي تقضي فعلا على ظاهرة الكلاب السائبة وتخطّي دائرة الوعود، وعلى سبيل الذّكر تجاوبت السلطات الجهوية بالكاف مع هذه النّداءات وقامت بعقد جلسة عمل بمقرّ الولاية بتاريخ 18 فيفري 2015 توّجت باتخاذ جملة من الإجراءات وأخرى على المدى المتوسط وفي المنظور البعيد من شأنها أن توقف مسلسل الرّعب بسبب “الكلاب المكلوبة”، كما هو دارج على لسان أهالي الشمال الغربي.
“المنستير” (2175 مواطنا ضحايا في 2015)
ذكرت إحدى الإذاعات الخاصّة يوم 16 فيفري 2016 أن 2175 مواطنا في المنستير تعرضّوا إلى “عضّ” الكلاب السائبة العام الماضي، وأنّه بحسب إحصاءات للإدارة الجهوية للصّحة فإن وقعت إبادة 4137 كلبا سائبا سنة 2015 من خلال 863 حملة قامت بها اللجان
المحلية لإبادة الكلاب السائبة. كما تم تسجيل بالجهة ذاتها حالات لداء الكلب لدى الأغنام والأبقار والخيول والكلاب.
“صفاقس”
لا تختلف عن غيرها من ولايات الجمهوريّة التي اكتسحتها الكلاب السّائبة، حيث تضرّر كثير من مواطنيها إلى “عقرات” هذه الكلاب، ويجمع الأهالي في الولاية على أنّ منطقتين تعانيان أكثر من غيرها من هذه الظاهرة، من ذلك ما تتعرّض له المنطقة الصناعية “البودريار” مؤكدين أنّه “اضافة إلى الحالة الكارثيّة للطرقات فإنّها صارت فضاء ترتع فيه الكلاب السائبة بكل حرّية ودون خوف ولا تتورع عن مهاجمة كل شخص يعترض سبيلها”، منتقدين هذه الوضعية بنفس ساخر: “هذه الكلاب ستعطي حتما صورة جيّدة لوضعيّة المنطقة الصناعية الأكبر بصفاقس وستجعل المستثمرين الأجانب يقبلون بلا خوف فهي محميّة جيّدا بالكلاب”.
ويقول السكان أن معتمدية “ساقية الزيت” هي الأخرى لا تزال تعيش على وقع انتشار الكلاب الشاردة، وخاصة بـ”زنقة بن حمادو” أين يقع “مركز الوسيط للصحة الأساسية” لافتين إلى أنّه رغم النداءات المتكررة فلا تزال هذه الظاهرة متواصلة وخطرها مازال مستمرّا على المواطنين وكذلك على زائري الجهة.
“تطــاوين” الكلاب السّائبة تهدّد قطاع الإبل والماشية
يعانى مربّو الماشية والإبل بتطاوين التي يعتمد عليها قطاع الفلاحة بالجهة من خطر انتشار الكلاب البرية السائبة التي أصبحت تهدّد قطعانهم المنتشرة في ربوع المراعي الممتدة على مساحات كبيرة، حيث يؤكّد العديد من هؤلاء المربين أنّ قطعانهم تتعرّض لخطر الكلاب السائبة خاصّة عند ولادة الإبل وأنّهم رغم اقامتهم لحضائر بغرض حماية صغار الإبل إلاّ أنّها لم تسلم، لافتين إلى أنّ القطيع في الجهة يفقد بين 200 و250 رأس غنم سنويا جراء انتشار الكلاب السائبة التي تهاجم باستمرار القطيع المتواجد بالمناطق الطبيعية خاصة وأن تربية الماشية بالجهة تتوزّع على 3 مناطق صحراوية وجبلية وبسهل “الجفّارة” .
وأشار بعض مربي الماشية والإبل إلى أنّهم يستعملون في مراعيهم الألعاب النّارية لإبعاد هذا النوع من الكلاب مطالبين بتمكينهم من رخص لحمل بنادق الصيد لحماية هذه الثّروة الحيوانيّة التي لها تأثير إيجابي على الحياة الاقتصادية والايكولوجية لا سيما على مستوى كامل منطقة الشريط الصحراوي بالجنوب التّونسي.
ويذكر أن انتاج الولاية من الأغنام قدّر مطلع سنة 2015 بحوالي 300 ألف رأس غنم و21 ألف رأس من الإبل المنتجة.
وللإشارة فإنّ وزارة الصحة أكّدت، في بلاغ لها، أنه في شهر نوفمبر 2015، سجّلت حالة وفاة بـ”داء الكلب” لطفل عمره في حدود 9 سنوات وأصيل عمادة برج الرأس من “ولاية المهدية”، كما لقي، عشية الثلاثاء 10 جوان 2014، كهل حتفه على خلفيه إصابته بداء الكلب وذلك في منطقة حي الرياض من مدينة الحمامات التابعة لـ”ولاية نابل”، وتوفيت في فيفري 2015 امرأة مسنّة تبلغ من العمر 80 تقطن بـ قرية الخرّوبة” بجهة ماطر التابعة لولاية بنزرت بعد أن نهشت الكلاب السائبة جسدها.
وتجاوز الأمر كلّ المعهود لتتضرّر المؤسسات السياحيّة التّونسيّة من صولات وجولات هذه النوعيّة من الكلاب، الأمر الذي دفع بعدد من مديري الوحدات السياحية بالمنطقة السياحية “ميدون جربة” إلى دقّ ناقوس الخطر وإبلاغ تشكيّاتهم بصفة رسميّة إلى السلط المختصّة، مطالبين بالتدخل العاجل لإنهاء هذه الظاهرة.