المسلسل التّونسي “سياسة الغلبة”
تونس التي أنجبت ما أنجبت من كبار العلماء والمفكرين والوطنيين والسياسيين من أمثال العلاّمة “ابن خلدون” وزعماء وطنيّين مثل “أحمد بن أبي الضياف” و”خير الدين باشا” و”المنصف باي” والنقابي العظيم “فرحات حشّاد” وعالم الدين والفقيه “محمد الطاهر بن عاشور” والثّائر الوطني المغوار “علي بن غذاهم” والزعيم “بورقيبة”، ها هي اليوم الرّحم ذاتها، وللأسف الشديد، تجود علينا بقاع الطنجرة وبما علق على جوانبها من حمم وسواد، كدّرت به تاريخا عريقا ضاربا في عمق الحضارة الإنسانيّة.
لن يجد المؤرّخون منذ اكتشاف الكتابة “السومريّة في بابل إلى اعتماد “العبرانيّة” ثمّ هلّ هلال “العربيّة”، لن يجدوا هم ومؤرّخي أزمنة “التحضّر” و”المدنيّة” ما يخطّونه عن النوادر والتقاتق” و”التّحف الأثريّة البشريّة” التي نشاهدها تتنطّط بيننا تعيد نفس الأغنيات الممجوجة وتصدح بمواويل يضحك من سماعها الصبيان ملء الأفواه..لن يجدوا عقولا تفكّر ولا قلوبا تعقل ولا برامج ولا خطط عمل ولا شيء غير اجترار علكة قديمة تغيّر طعمها من المضغ و”فاحت ريحتها” فآذت خلق الله.
في زمن الطّفولة، وخاصّة في شهر رمضان الكريم، كنّا نستمتع بتلك المسلسلات المصريّة الهادفة من أمثال “بين القصرين” و”السكريّة و “قصر الشوق” إلى جانب “رأفت الهجّان” وغيرها من المسلسلات التي تفيض بالنضاليّة وحبّ الوطن والإيثار وصروف من أخلاقيّات اندثرت واضمحلّت.. كانت الذّاكرة تحفظ عن ظهر قلب أقوال وحركات الممثّل القدير “عبد القادر مقداد” في جلّ مسرحياته خاصّة “عمّار بو زوّر”، لم نعد نجد رجالا وطنيين حقيقيين من طينة الذين يهرولون من أجل الوطن وأهله لا من أجل التقاط بعض الصور الدعائيّة وترويجها في المناسبات.