“صحافة طهّر يا لمطهّر” “يحرّفون الكلام عن مواضعه”
يوم بعد يوم تنكشف عورات “صحافة طهّر يا لمطهّر” في بلادنا لا سيما التي من المفترض أن تختصّ في كلّ المتعلّقات بالشأن السياسي عموما والرسمي على وجه التحديد، فاليوم نفتقد بصفة شبه كليّة إلى صحفيين عارفين بأقبية السياسة وألوان وتلوّنات لاعبيها وفسيفسائيّة خطاباتهم، تفتقر تونس إلى صحفيين ملمّين حقيقة بتطوّرات الأحداث وتقييم مستجدّاتها، وتشخيص تفاعلات الرأي العام الوطني والدولي معها، اليوم تحاليل هباء منثورا وأخرى في التسلّل، ودخلاء يجترّون عموميّات وأحاديث تماهي تجاذبات ندماء المقاهي، دخلاء أضرّوا حقيقة بالصحافة في بلادنا وشوّهوا الرسالة والمعلومات التي كان مستوجبا نقلها بكيفيتها للتونسيين.
أمر ليس غريبا بالنظر إلى ما نعيشه حاليا حيث تعمد وسائل إعلام عديدة في تونس إلى التخصّص في الفبركات وصناعة الدعاية الشخصيّة وحرف البوصلة إلى اتجاهات مغايرة للواقع تغالط عبرها مواطني الدولة، هؤلاء الذين بشكل أو بآخر “يقحمونهم” في المنابر والشاشات والحال أنهم في علاقتهم بالصحافة والاتصال السياسي كعلاقة الأرض بالمرّيخ، فالصادحون اليوم في شأن كبير وحيوي وحسّاس لم يكونوا بالأمس القريب سوى “صنايعيّة” في برامج ربوخيّة مزوديّة مطعمة بـ “تكتكات” لا صلة لهم لا بحكم ولا بحكومة.
هؤلاء سبب البليّة وعامل من عوامل فشل الدولة وعدم إيصال رسائل وأعمال الحكومة بالشكل المحايد والموضوعي والمسؤول، هؤلاء الغرباء المغنانيّة ساهموا في كلّ نكسات ونكبات الوطن.. يستحضرن مشهد ذاك المقال الذي تأجّج فيه البخور وكأنّنا بحروفه الملتوية المتمايلة تصدع بتلك الأهازيج التراثيّة “طهرّ يا لمطهّر”.. هؤلاء يستحقّون أن يطهّروا هم أيضا حتّى تطهّر الصحافة من زوائد العورات الطفيليّة.
أسوق هذا الرأي في شكل تعقيب مقتضب على ما استجدّ اليوم في هذا الصدد.