سيرة ومسيرة”يوسف الشاهد”
كلّف الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، اليوم الأربعاء 3 أوت 2016، وزير التنمية المحلية في حكومة تصريف الأعمال، يوسف الشاهد، بتشكيل الحكومة الجديدة، خلفاً للحبيب الصيد الذي حجب البرلمان الثقة بحكومته.
ونقلت وكالة الأنباء التونسية الرسمية (وات) عن “الشاهد” قوله: “التقيت رئيس الجمهورية (الباجي قايد السبسي) الذي كلفني بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وسننطلق بعد قليل في المشاورات حول تشكيل هذه الحكومة مع جميع الأحزاب والمنظمات والشخصيات الوطنية”.
ودعا الشاهد – أصغر رئيس للوزراء يتم تعيينه في تونس – الشباب التونسي الذي يعاني تفاقم البطالة وقلة فرص العمل إلى عدم فقدان الأمل، مضيفاً أنه يأمل أن يحصل على دعم كل السياسيين والتونسيين.
مقترح رئيس الجمهورية “غير معروف سياسيّا”
وفي أول جلسة عقدتها القوى التونسية، أمس الأول الإثنين، لمناقشة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي ستخلف حكومة الحبيب الصيد بعد سحب البرلمان الثقة من الأخيرة، كان رئيس البلاد قايد السبسي قد اقترح الشاهد لرئاسة الحكومة الجديدة.
ويبلغ الشاهد من العمر 41 عاماً، وبتكليفه تشكيل الحكومة يكون الشاهد في المنصب الرفيع الأول في البلاد بعد رئيس الجمهورية، من حيث الصلاحيات، وفق الدستور.
ولم تعرف الساحة السياسية الشاهد إلا منذ نحو 5 سنوات فقط، ولم يعرف عنه نشاط سياسي قبل ثورة 17 ديسمبر – 14 جانفي 2010 – 2011، التي أطاحت بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
التحالف مع نداء تونس
إلا أن الشاهد بادر في صيف 2011 إلى تأسيس حزب “طريق الوسط” قائلاً في تصريحات إعلامية آنذاك إن “غياب الشباب في الساحة السياسية دفعنا إلى تأسيس الحزب”، ولكن الحزب لم يكن له أي تأثير أمام هيمنة “حركة النهضة” على المشهد السياسي وفوزها بانتخابات 23 أكتوبر 2011.
وخلال فيفري 2012 اندمج حزب الشاهد “طريق الوسط” مع أحزاب أخرى ليؤسس “الحزب الجمهوري” بقيادة السياسي المخضرم أحمد نجيب الشابي، ولكن الرجل سرعان ما استقال من الحزب صحبة 100 من الأعضاء بعد اغتيال المعارض القومي محمد البراهمي في 25 جويلية 2013.
وفي خضم الصراع الذي احتدم صيف 2013 بين الترويكا الحاكمة بقيادة “حركة النهضة”، والمعارضة المجتمعة ضمن “جبهة الإنقاذ” (ائتلاف بين الجبهة الشعبية اليسارية وحركة نداء تونس وأحزاب أخرى) استقال الشاهد برفقة 100 عضو من الحزب الجمهوري ونادوا في بيان “بإسقاط الحكومة وحلّ المجلس التأسيسي (برلمان مؤقت) وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تتولى إتمام المرحلة الانتقالية”.
ويبدو أن الشاهد كان يخالجه طموح بلوغ أعلى المناصب السياسية في وقت بدأ حزب “نداء تونس” يأخذ مكانه في الساحة السياسية التونسية، ولم يمرّ على استقالته من الحزب الجمهوري سوى شهرين حتى التحق بالحزب الذي سيفوز بانتخابات أكتوبر 2014، حزب حركة “نداء تونس” بقيادة الباجي قايد السبسي.
في “نداء تونس” برز اسم يوسف الشاهد، لأول مرة، خلال الأزمة التي اندلعت في الحزب سنة 2015 بين نجل الرئيس حافظ قايد السبسي والأمين للحزب آنذاك محسن مرزوق، إذ كلف الرئيس “الشاهد”، في أواخر نوفمبر 2015 بقيادة لجنة الـ 13 لإيجاد حل لأزمة الحزب.
هذا التكليف أثار حفيظة أنصار محسن مرزوق الذين اعتبروا أن الشاهد “دخيل على الحزب وهو قادم من الحزب الجمهوري وغير مؤهل لحلّ أزمة نداء تونس”.
هل تربطه قرابة بالسبسي؟
قبل أن يبرز اسمه في “نداء تونس”، تم تعيينه في فيفري 2015 “كاتب دولة للفلاحة (مساعد وزير الفلاحة) بحكومة الحبيب الصيد، وخلال التعديل الوزاري الذي أجراه الصيد لحكومته في جانفي 2016 تولى الشاهد حقيبة وزارة التنمية المحلية التي تعنى بشؤون البلديات، ما دفع بالمعارضة إلى اعتبار ذلك تحضيراً لسيطرة “نداء تونس” على الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها خلال مارس 2017.
المعارضون لحزب النداء يقولون إن يوسف الشاهد، هو صهر الرئيس السبسي (دون توضيح طبيعة المصاهرة بين الاثنين) وأن بروزه يمهد لسيطرة “البَلْدِيَة” (صفة تطلق على ارستقراطية مدينة تونس العتيقة) على الحكم، فالرئيس السبسي هو أصيل مدينة تونس العتيقة، و”الشاهد” أيضا مولود في تونس العاصمة وحفيد راضية الحداد (1922 -2003) أبرز رموز الحركة النسوية التونسية القريبة من الزعيم بورقيبة وأول رئيسة للاتحاد النسائي التونسي.
لكن مصادر أخرى تقول إن “الشاهد” ليس صهراً مباشراً للسبسي، بل إن خاله هو زوج إحدى بنات السبسي.
مهام كبيرة بانتظاره
التساؤل الذي يطرح اليوم في البلاد هو: هل سيكون “الشاهد” العصفور النادر الذي تبحث عنه تونس لإخراجها من الأزمة الاقتصادية التي ترزح تحتها البلاد منذ سنوات، وهل سيكون قادراً على تنفيذ أولويات “اتفاق قرطاج لحكومة الوحدة الوطنية؟”.
وتجدر الإشارة إلى أنّه في شهر جوان الماضي، اقترح الرئيس التونسي مبادرة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، تكون أولوياتها الحرب على الإرهاب والفساد، وترسيخ الديمقراطية، تشارك فيها أحزاب ونقابات، على رأسها “الاتحاد العام التونسي للشغل” النقابة العمالية الأكبر في البلاد.
وفي أعقاب مشاورات تواصلت قرابة شهر تم التوقيع في 13 جويلية الماضي على وثيقة قرطاج التي تنص على عدة أولويات لحكومة الوحدة الوطنية، تشمل “كسب الحرب على الإرهاب، وتسريع نسق النمو والتشغيل، ومقاومة الفساد، وإرساء مقومات الحكومة الرشيدة، والتحكم في التوازنات المالية، وتنفيذ سياسة اجتماعية ناجعة، وإرساء سياسة خاصة بالمدن والجماعات المحلية، ودعم نجاعة العمل الحكومي، واستكمال تركيز المؤسسات”.
وقد تمّ يوم السبت الماضي سحب الثقة من حكومة الحبيب الصيد، لتكون بذلك حكومة تصريف أعمال إلى حين تشكيل أخرى جديدة.