الألعاب البرالمبيّة: لو تعلّقت همّة المرء بما وراء العرش لناله
مرّة أخرى يثبت الرّياضيّون التّونسيّون من ذوي الاحتياجات الخصوصيّة أنّ الإعاقة في العقل لا في الجسم، وأنّ العلى لا ينال بالتمنّي وأنّه لا يأس مع الحياة، وأنّ المستحيل هو فقط مصطلح في قاموس العاجزين، مرّة أخرى كان هؤلاء الرّياضيين على الموعد وشرّفوا تونس في البرازيل كما سبق ورفعوا رايتها خفّاقة في “ألعاب سيدني” وغيرها من المحافل الرياضيّة الدوليّة.
مرّة أخرى تتلألأ صدور هؤلاء الرياضيين بميداليّات الذهب المشعّ لتنضاف لرصيد الرياضة التّونسيّة، ولتتوشّح تونس بأوسمة النّصر والنجاح المشعّ عبر العالم، حيث ألهم أبناؤها سكّان الأرض ومن عليها وأبهروهم بتميّزهم وتفرّدهم بإحرازهم تفوّقا دوليّا ونتائج كسرت كلّ الحواجز خاصّة منها الجسديّة.
مرّة أخرى تنتصر إرادة الحياة، صبر ومصابرة وعزيمة بلا حدود ارتقت برياضيينا من ذوي الاحتياجات الخصوصيّة إلى أعلى عليين، عزيمة مكّنتهم من الانتصار على الإعاقة وركنها جانبا، هؤلاء الذين قدّموا درسا لليائسين والرّاكدين الجامدين الذين قنعوا بالقبوع في نفس مكان السقوط الأوّل وانشغلوا بندب الحظوظ وشتم الحظوظ.
مرّة أخرى يحرز الرياضيّون التونسيّون من أصحاب الاحتياجات الخصوصيّة نجاحات لم يتسنّ للأسوياء تحقيق ولو عشرها رغم ما سخّر لهم من موارد بشريّة وامكانيّات لوجستيّة وخاصّة ما وضع على ذمتهم من رواتب ومنح وامتيازات ماليّة، هؤلاء الذين رغم بعض الجهد الذي قدّموه فإنّهم لم يكونوا في مستوى المهارات العالميّة التي ارتقى إليها مواطنوهم المعوقون.
مرّة أخرى يثبت المبتلون بنقص في الأموال والأنفس والثمرات أنّهم قادرون على تحقيق المعجزات وأنهم في مستوى التعويل عليهم، وأنّهم محلّ ثقة في كلّ ملّيم تصرفه الدولة عليهم من أموال المجموعة الوطنيّة عليهم، ولعلّ قرار مساواة هؤلاء الرياضيين الأشاوس، نساء ورجالا، بالرياضيين العاديين هو نقطة تحوّل تكشف اعتراف السلطات في الدولة التّونسيّة بتميّز هذه الفئة وتفرّد هذه الشريحة.
ربّما حقّ لنا في هذا المقام أن نستحضر مقولة “لو تعلّقت همّة المرء بما وراء العرش لناله”.