“حيّ التضامن” الكبير: معقل الرّجال والوطنيّون الشرفاء
من لم يعرف “حيّ التضامن” لم يعرف حقّا حياة الشّعب التّونسي الملتصق بواقع أيّام هذا بمختلف شرائحه وفئاته، لا يمكن تصنيف هذا التّوصيف على أنّه تمييز أو تمايز، وإنّما الواقع الذي يحدّثك عن نفسه، “حيّ التضامن” بذكره تذهب المخيّلات إلى الكثافة الديمغرافيّة الضخمة، والبنايات المتراكمة المتلاصقة، يسميه البعض “الصين الشعبيّة في تونس”، أمّا اليوم فقد باتت الصّورة التي يروّجها البعض سيئة لا تشابه لا وجوه ولا قلوب ساكنيه القدامى والجدد على حدّ سواء.
“حيّ التضامن” كان السيف الحادّ الذي قصم نظام المخلوع، نعم هذا ما حصل وقدّم شهداء فدوا بأرواحهم حريّة هذا الوطن في وقت باعه وسمسر فيه كثيرون من هنا وهناك يتربّصون بهذا “الحيّ” ومواطنيه، هؤلاء الذين لعقوا الأحذية ولم تمنعهم جراح المسامير الصّدئة التي أثخنت ألسنتهم، ألسنة الزّور والبهتان التي تكذب وتزيد كذبا على أبناء هذه الرقعة التونسية.
“حيّ التضامن” قدّم شهداء من أبنائه الأمنيين ضحوا بأرواحهم الطاهرة من أجل دحر الإرهاب المقيت، من أجل قطع الطريق أمام كلّ من أجرم في حقّ هذه البلاد، أبناؤه اليوم في الجيش والشرطة والحرس الوطني، هم من أعوان وإطارات تونس في الإدارة والصناعة والتجارة والعمارة، في مجال المال والأعمال، هم في كلّ موقع يعملون ويجدّون ويجتهدون من أجل راية الوطن، لا من أجل فلان ولا فلتان ولا علاّن.
“حيّ التضامن” سينتصر على الإٍرهاب الشاذّ الذي لا يمكن له النبات في أرض فيها عشق لتونس، في رقعة قلوب أبنائها تخفق للوطن، قلوب تخشع لترانيم “حماة الحمى”، في “الحيّ” رجالات من الرجالات العتاة، كنوز من العقول ومناجم تطفح جواهر من أصحاب الفكر والابتكار والإبداع في شتّى الحقول، رجالات ونساء هم حقيقة بضاعة نافعة مخزّنة في مطمورة قرطاج القديمة والجديدة.
غيض من فيض خصال ومآثر القوم في هذا “الحيّ المأثور”، يتفكرونه في قضاء مآربهم وغاياتهم فيجزعون إليه مهرولين حتّى إذا الحاجات قضيت هربوا فزعين من أهله.