في ذكرى استشهاد أعوان الأمن الرئاسي
منذ سنة خلت يوم 24 نوفمبر 2015 استشهد عدد من اعوان الأمن الرئاسي خلال هجوم انتحاري إرهابي استهدف حافلة كانت تقلهم بشارع محمد الخامس، يومها تحدّثت نفسي فقالت الآتي:
“بكي الشعب،
بكي أمنه، بكي جيشه.. انتحبت الأرامل الثكالى. اجهش الصّغار فانهمرت دموع العيون، جثوا بالركب الغضّة الضئيلة على نعوش كانت بالأمس تضجّ بالحياة تصول وتجول وتلعلع، صدحت الحلوق الصغيرة “بابا..بابا..بابا..” فلا من مجيب.. شيعت جثامين من ارتقت أرواحهم إلى جنان الخلد، ادلهمت السّحب وبدا الزّمن كئيبا. فرغت السّاحات والفضاءات والمقاهي.. اتشحت الديار بالسّواد. انطفأت الأضواء باكرا ونام السّاهرون المتسامرون على غير عادتهم.. حتّى الكلاب والقطط التي كانت لا تهدأ لها هادئة خنست وتقوقعت واختفت لتترك اللّيل وحده ساهدا.
فقط طينة واحدة ما زالت على عهدها لم تتأثّر ولم تتبدّل، المتنطّطون المتفيقهون في كلّ منبر من منابر الخراب التي جلبت إلينا المصائب وأتتنا بالكوارث، أمّا السياسيّون فهم كالعادة في شغل فاكهون و “كلّ حزب بما لديهم فرحون” همّهم مصالحهم وبطونهم وأبناؤهم ونساؤهم وأقرباؤهم وأحبابهم وخلاّنهم. أمّا بكاؤنا ونواحنا ونباح كلابنا ومواء قططنا وثغاء شياه رعاتنا، فلا هم يسمعون ولا ينظرون ولا يفقهون. هم فقط بكلّ ذلك يساومون ويشترون ويبيعون وللمناصب يهرولون وللكراسي يركضون. ولو على دماء ومآسي الشعب المسكين. بئس ما يفعلون.
سيهدأ يا تونس هذا الغبار ويطلع بعد الظلام النهار. أنت تاج لا يستحقّه إلا الشرفاء العظماء. أنت مجد عريق لا يعرف قدره السفهاء. أنت شعب أحرار وأبرار.. أنت أمّنا الكبيرة التي فيها ولدنا وفي رتعها تربينا وترعرعنا ومن خيراتها نهلنا، نحن فداءك ونحن حماة الديار. شرف لنا أن نقبّل كلّ ذرّة من ترابك وعزيز علينا أن نرفع رايتك لتخفق عاليا وتشع ببهائها في كلّ الأقطار والأمصار. ووعدا علينا أن نذود عنك كلّ الختّالين الأشرار”.