حرب ترامب ووسائل التواصل الإجتماعي
بعد شهرين من توليه الرئاسة مطلع عام 2017، قال دونالد ترامب إنه لولا موقع “تويتر” لما وصل إلى السلطة، لكن مع قرب مغادرته البيت الأبيض يبدو أن العلاقة بين الرئيس المنتهية ولايته ومنصات التواصل قد وصلت إلى طريق مسدود.
وكرر ترامب مرارا بأنه يعتمد على “تويتر” وغيره من شبكات التواصل الاجتماعي من أجل مخاطبة شعبه والعالم، بسبب تغطية وسائل الإعلام التقليدية التي يشدد دائما على أنها منحازة ضده.
وقال في تصريحات صحفية: “أتعرض إلى حد كبير لتغطية إعلامية غير نزيهة”، ودخل بالفعل في معارك كلامية مع وسائل الإعلام الأميركية، مثل شبكتي “سي إن إن ” و”إن بي سي”، وكذلك الأمر مع صحفيين.
مرتاح في “تويتر”
وفي “تويتر”، هناك أريحية كبيرة للرئيس الأميركي في الإدلاء بتصريحاته، وصرح ذات يوم: “عندما أقول أمورا لا تغطيها الصحافة بالشكل الصحيح، تويتر وسيلة ممتازة بالنسبة لي لأنني قادر على تمرير رسالتي”.
وخلافا للعديد من السياسيين حول العالم الذي يكلفون فريقا ما بكتابة تغريداتهم، فإن ترامب نفسه هو الذي يكتب تغريداته، واعترف أنه أحيانا يغرد من الفراش.
لكن العلاقة مع شبكات التواصل لم تعد حميمية، وراحت تنحدر شيئا فشيئا نحو التوتر والنزاع.
بداية الأزمة
في أوت 2018، وجه ترامب تحذيرا إلى “قوقل” و”تويتر “وفيسبوك“، متهما إياها بالانحياز ضده وضده أنصاره.
وانتقد بشدة “غوغل” قائلا إنها تعطي الأولوية عند البحث عن أخباره لنتائج سلبية، فيما تخفي الأخبار الإيجابية وإسكات الأصوات المحافظة، وهو الأمر الذي نفته الشركة العملاقة.
وقال إن “فيسبوك” و”تويتر” يدخلان منطقة “خطيرة جدا”، وذلك بعد أن لاحظ أنهما يمارسان نوعا من الرقابة على المحتوى المحافظ في الولايات المتحدة، وخص الرئيس الأميركي المنتهية ولايته “تويتر” باتهام “التلاعب في نتائج البحث”، وأطلق مصطلح “حجب الظل” (Shadow Banning)، لوصف ممارسات موقع “التدوين الصغير” المزعومة ضده.
ودفع ترامب مع أنصار حزبه والمحافظين ممثلي شبكات التواصل إلى الإدلاء بشهادات أمام الكونغرس بشأن الرقابة والتدخل في الانتخابات.
في المحاكم
وفي عام 2019، ارتفع النزاع بين ترامب و”تويتر” إلى مستوى أعلى: المحاكم.
الرئيس الأميركي المنتهية ولايته طعن في قرار قضائي يجبره على إنهاء الحظر الذي فرضه على عشرات المغردين، الذين أدلوا برأيهم على حسابه في موقع “تويتر”.
لكن محاولة ترامب فشلت بأمر المحكمة، التي قالت حينها إن القانون لا يسمح لأي مسؤول يستخدم حسابا على وسائل التواصل الاجتماعي باستبعاد أشخاص من حوار مفتوح عبر الإنترنت، لأنهم عبروا عن وجهات نظر لا يتفق معها المسؤول.
عام كسر العظم
أما 2020 فيمكن وصفه بـ” عام معركة كسر العظم” بين ترامب وشبكات التواصل وخصوصا “تويتر”، ذلك لأنه كان عام الانتخابات وكورونا، حيث اشتد النزاع بين الطرفين.
وفي ماي 2020، وقع الرئيس أمرا تنفيذيا يهدف إلى إلغاء بعض جوانب الحماية القانونية الممنوحة لشركات التواصل الاجتماعي، ضمن قانون آداب الإنترنت.
وكان ترامب يرمي من وراء هذه الخطوة إلى إتاحة المجال لملاحقة “تويتر” و”فيسبوك” أمام القضاء، واصفا شبكات التواصل بجهات “تملك سلطة لا حدود لها”.
وخلال أزمة فيروس كورونا، وضع “تويتر” بوضع تحذيرات على تغريدات ترامب حول الوباء، مشير إلى أن محتوى هذه التغريدات قد يتضمن معلومات مضللة، وهو ما يخالف قواعد النشر في المنصة الرقمية، مثل أن كورونا أقل فتكا من الإنفلونزا.
وأثناء العام نفسه، حجبت المنصة الرقمية تغريدة أخرى حول الاحتجاجات، في مدينة مينيابوليس على مقتل الأميركي الأسود جورج فلويد، على اعتبار أن فيها “خرقا” لمبادئ الموقع حول “تمجيد العنف”.
وتكررت عمليات الحذف لتغريدات ترامب أو وضع إشارات تحذيرية عليها فيما يتعلق بالانتخابات، تارة بسبب حقوق الملكية وأخرى بسبب المعلومات المضللة.
ووصلت العلاقات إلى ذروة الصراع بين الطرفين، على ما يبدو، ففي جانفي 2021 علق “تويتر” حساب ترامب لمدة 12ساعة عقب اقتحام الكونغرس وحذف تغريداته.
أما “فيسبوك” فأعلن أنه سيمنع صفحة ترامب من وضع منشورات لمدة 24 ساعة بسبب انتهاكات لسياسة الموقع، كما أفاد رئيس “إنستغرام” بأن الموقع سيعلق حساب الرئيس المنتهية ولايته 24 ساعة.
وفي وقت سابق، حذفت فيسبوك ويوتيوب، تسجيلا مصورا للرئيس دونالد ترامب واصل فيه تقديم مزاعم بلا سند بأن الانتخابات قد زُورت.
هل يتجه إلى “تيك توك”؟
ومع إغلاق وسائل التواصل الاجتماعي “الأميركية” بابها في وجه ترامب، تتسارع تساؤلات عن إمكانية لجوء الرئيس المنتهية ولايته إلى تطبيق “تيك توك” الصيني.
وتوترت العلاقة بين ترامب والصين إلى درجة غير مسبوقة، فيما امتد التوتر إلى منصة التواصل الاجتماعي “تيك توك” الذي كان من بين ضحايا الحملة التي شنتها واشنطن.
وفي أوت الماضي، أمرت الولايات المتحدة شركة “بايت دانس” مالكة تطبيق “تيك توك”، بإغلاق أو بيع أصولها الأميركية.