دون اليوم السبت 15 فيفري 2020، الناشط السياسي عدنان منصر، تعقيبا على الأحداث السياسية الأخيرة في صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي ما يلي:
الآن إلى البرلمان، ثم إلى الشعب مجددا !
أعيد ما كتبته منذ بضعة أيام: على الفخفاخ ألا يرضخ للابتزاز، وأن يقدم حكومته للرئيس، وأن يحيلها الرئيس على البرلمان، وأن تخوض جلسة البرلمان بكثير من الوضوح: تحميل المسؤوليات، وجعل الشعب شاهدا على كل ما حصل وبالتفصيل، وغلق الأبواب أمام المناورات المرتقبة للنهضة وقلب تونس، والذهاب بعد ذلك لانتخابات سابقة لأوانها.
أقرأ لدى بعض الأصدقاء من النهضة ما مفاده أن انسحابها من المفاوضات وسحب وزرائها من التشكيلة المرتقبة، هو رد على سقوط حكومة الجملي أمام البرلمان. هذا جيد، وواضح كفاية. العارفون بخبايا مسار التشكيل الحكومي يعرفون جيدا أن ما حكم تكتيك النهضة لم يكن مطاقا في علاقة بما أسمته “حكومة وحدة وطنية”، وإنما بمحاولة تفخيخ الحكومة بمقتضيات الاعتبارات الداخلية للحركة أولا، وبالسيطرة على وزارات معينة، ومنع أن تؤول وزارات أخرى لمنافسيها. كان سيكون أكثر شرفا لو أنها بالفعل “كافحت” من أجل تشريك قلب تونس في الحكومة.
لنوضح منذ البداية، وقد كتبناه منذ أكتوبر: الخصم الذي يجب إضعافه وتحييده هو قيس سعيد، والنهضة وشيخها لن يسمحا بأن تفلت الأمور منهم سواء بداعي مبادرة الرئيس والشخصية الأقدر، أو بدواعي “المزاج الثوري”. ليس من صديق قار للنهضة سوى حساباتها الضيقة، وتعطشها للسيطرة على كل شيء، وللأبد. يبقى أن المناورات التي ستتضح في الأيام القادمة، بالسعي المشترك مع قلب تونس لسحب الثقة من حكومة الشاهد في البرلمان عبر لائحة لوم، وإعدادهما لمرشح يستعيدان به مبادرة تشكيل الحكومة، ليس أمرا موعودا بالنجاح. هناك إمكانيات أخرى جدية، وإن قللت النهضة من إحتمال حدوثها. رئيس الجمهورية سيكون مجددا صاحب المبادرة، وهذه المبادرة ستكون عبر طريقين: تكليف شخصية أخرى بتشكيل الحكومة في الحيز الواقع بين 20 فيفري و 14 مارس، ثم حل البرلمان بعد ذلك. هذا السلوك هو الكفيل بإسقاط المناورات اللاأخلاقية للنهضة وحليفها قلب تونس. ليذهب الجميع لانتخابات سابقة لأوانها، بعد أن تكون الصورة قد توضحت بما يكفي لدى الجميع، وليتوقف رهن النهضة للبلاد بمصالحها وحساباتها الضيقة.
لا أحد باستطاعته أن يضمن أن تتوافق نتائج الانتخابات السابقة لأوانها مع مزاجه، أو مع شهواته. هذا صحيح. لكن الجميع يعرف أنها ستتم في سياق نفسي وسياسي مختلف كثيرا عن الانتخابات السابقة. لا أحد يعرف شيئا عن طبيعة التحالفات التي ستتواجه في هذه الانتخابات، لأن الأغبياء وحدهم يعتقدون ألا شيء سيتغير، فقط لأنه يقنع نفسه بأنه لا شيء سيتغير. في انتظار ذلك، العقاب الوحيد الحقيقي الذي يجب إيقاعه بهذه الطريقة اللامسؤولة في تسيير الشأن العام، هو مصارحة الناس، ووضعهم في التفاصيل. ستكون تلك هي الخطوة الأولى في مسار تحرير الكثير من التونسيين من شبكة الأوهام والأكاذيب التي أبدع البعض في نشرها ومحاولة إيقاعنا جميعا فيها. ليذهب الفخفاخ بحكومة نظيفة، أنظف من التي اقترحها اليوم على الأحزاب، حكومة ليس على أي أحد من أعضائها شوائب، وليضع البرلمان أمام مسؤولياته: إذا قرر نواب المواقف المشبوهة ألا يصوتوا، فقد حكموا على أنفسهم وعلى أحزابهم بالعقاب التاريخي: الظهور على حقيقتهم، وإعادة تقسيم المشهد بوضوح بين نواب الشعب ونواب المصالح، ثم بعد ذلك العودة للشعب. ولكن هذه المرة، الشعب لن يريد فقط !