اعتصام هنشير الرومان لا يزال متواصلا، والدولة في سبات عميق
تنفذ مجموعة من مواطني هنشير الرومان بمعتمدية بوعرادة من ولاية سليانة اعتصاما وذلك إحتجاجا على قرار تحويز أحد المتنفذين، من المستفيدين من نظام بن علي، لمقسم من الأراضي الدولية في الوقت الذي يعاني فيه أبناء المنطقة من الفقر والبطالة.
وتعود بداية القضية الى أنّ عضوا سابقا بمجلس المستشارين عن اتحاد الفلاحة والصيد البحري، قد حصل في عهد بن علي مقسم فلاحي على وجه التمليك. و ثم أقر أن الأرض غير صالحة للزراعة، فصدر قرار بتصنيف الأرض كعديمة جدوى وتحويل صيغتها القانونية من الإسناد إلى الكراء. إلا أنّ ذلك لم يمنعه من مواصلة حوز الأرض مستغلا نفوذه وصفته كاتب عام لجنة التنسيق حزب التجمّع.
وبعدها أصدرت الدولة قرارا ينص على إسترجاع مجموعة من الأراضي الدولية بالمنطقة والتي تم توزيعها بشكل مشبوه، وكان من بينها المقسم الذي أسند للمعني بالأمر. صدر حكم قضائي استئنافي بانتزاعها منه. وتم الاتفاق على توزيع الأراضي التي تم استرجاعها على الأهالي والفلاحين الشبان والمعطلين عن العمل، إلا أن المسؤولين تنكروا لوعدهم بإعادة هيكلة الأراضي وتوزيعها على مستحقيها.
ليفاجئوا في سنة 2018 بصدور قرار يمكن نفس الشخص من الاستحواذ على الأرض مجددا، ما يتعارض مع القانون الذي لا يسمح بإسناد مقسمين مختلفين من الأراضي الدولية لنفس الشخص، وكذلك لتجاوزه سن الـ 45 وامتلاكه مورد رزق آخر.
تم خصخصة أغلب الأراضي كانت مدرجة ضمن نظام التعاضد تحت قانون إعادة الهيكلة ما تسبب في تفاقم المشاكل. فعوض أن يصلح أوضاع التعاضديات، سمح بحلّها وتقسيم أراضيها، وهو مازاد في تفقير فلاحي المنطقة وسكانها عموما. حيث لم ينتفع بسياسة الخصخصة تلك سوى بعض كبار الفلاحين أو المستثمرين والكثير منهم من خارج المنطقة، بينما منح المتعاضدون السابقون مساحات صغيرة تقدر في حدود 10 هكتارات وهي مساحة غير كافية بالنسبة للزراعات الكبرى، والتي تكون في بعض الأحيان غير صالحة للزراعة.
ومن جهة أخرى يؤكد السيد علي العدوني مدير عام اعادة هيكلة الاراضي الفلاحية أن الأرض فعلا تم اسنادها لمستثمرين كما أن المنطقة بحاجة للاستثمار، فهناك ضيعات فلاحية دولية معدة للاستثمار ولتشغيل أهالي المنطقة، كما أن ديوان الأراضي الدولية لا يستطيع الاهتمام بجميع الاراضي الدولية.
فالارض كانت لدى الديوان بصفة ظرفية يسمى “تصرف ظرفي إلى غاية توظيفها” وكانت مدرجة بالقائمة التي تم الاعلان عنها بشهر مارس 2019، وتم اختيار المستثمر طبقا للعرض الذي عرضه بعد أن تم تقييم المترشحين من قبل لجان فرز في كامل الشفافية ثم تم اختيار المستثمر طبقا للعرض الذي تقدم به، الذي قام بكل الاجراءات القانونية اللازمة من إحداث للشركة ووضع الضمانات والحصول على الموافقة المبدئية من مدير الفلاحة ثم الموافقة النهائية قبل أن يمر الملف لاملاك الدولة لينطلق بعدها الى إعداد العقد كما يقوم بدفع معاليم الأشغال التي قامبها الديوان وتحمل مسؤولية كل العاملين بالضيعة، وهو ما قام به هذا المستثمر.
وأضاف علي العدوني أنه لا يفهم سبب غضب الأهالي، فالاستثمار يوفر مواطن شغل لأهالي المنطقة وهو الهدف الأول من إحداث شركات الاحياء والتنمية الفلاحية.
تقرير دائرة المحاسبات
يبرز تقرير دائرة المحاسبات الصادر سنة 2017 حول عملية إعادة الهيكلة من سنة 1990 إلى حدود سنة 2017 أنّه تم إسناد 18026 هكتارا، منها 12387 خلافا للصيغ والإجراءات القانونية المعمول بها في الغرض، خلال الفترة الممتدة بين 2007- 2016.
كما يذكر التقرير أنّ 53% من الشركات الناشطة تحت عنوان “شركات الإحياء والتنمية الفلاحية” لم تحترم التزاماتها التعاقدية، بما في ذلك خلاص معاليم الكراء, اذ قدّرت الديون غير المستخلصة بأكثر من 195مليون دينار، وهو مايمثل 62% من القيمة الإجمالية للتسويغ. وأشار التقرير كذلك إلى أن عدم الالتزام بإنجاز البرامج الإستثمارية في الفترة الممتدة بين 2012 و2017 قدر بنسبة 70 بالمائة
مريم بنحمد