الأخبار الوطنيةتحقيقات
الحملة الوطنية للمساعدات الاجتماعية بالمناطق المهمّشة والوقاية من موجة البرد (4) الإذاعة الوطنيّة وشركاؤها: مجهودات تذكر فتشكر لفائدة التلاميذ
مبادرة الإذاعيّة الوطنيّة وشركائها لتبنّي جهة “عين الحمام” بمختلف مناطقها انطلقت منذ ما يقارب الشهرين ووجّهت في البداية للتلاميذ الذين انتفعوا بمساعدات عينيّة، منها الماديّة إلى جانب كلّ مستلزمات الدراسة من الميدعة إلى المحافظ إلى الكساء والأحذية.
مساعدات بعشرات الآلاف من الدنانير استفاد منها كلّ تلاميذ الجهة باعتبارهم جميعهم في عداد المعوزين والمستحقّين، حيث تمّ بالتوازي برمجة بعث موارد رزق للأهالي من الأولياء بما يساعدهم على إعالة أسرهم وخاصّة أطفالهم في عمر المدرسة وغيرهم من المستويات الأخرى، وبالتالي ضمان عدم انقطاعهم.
ويذكر أنّ حملة إعانة تلاميذ “عين الحمام” والإحاطة بهم مكّنت من إرجاع أكثر من 10 تلاميذ وتلميذات إلى مدارسهم بعد أن انقطعوا عنها بسبب الحاجة وقلّة ذات اليد، حيث تمّ توفير جميع اللوازم والظروف لذلك.
“ولقد تعهّدت جمعيّة “أوريدو الخير” ببناء أقسام جديدة، وقسم للإعلامية، وقاعة علاج لتلاميذ وأهالي “عين الحمام“.
كما تمّ في الأثناء ضبط قائمة تشمل المستوجب انتفاعهم ببطاقات العلاج المجّانيّة ومنحة المعوزين، كما لمس المبادرون بالحملة ضرورة تحسين المساكن المتداعية وغير الآهلة للسكن، بالتوازي مع الحاجة الملحّة لإنجاز طريق “عرّومة” بما يفكّ عزلة المنطقة وإنجاز مشروع الماء الصالح للشراب في ظلّ السقّي والشّرب من العيون غير الصحيّة مع الأغنام.
والشّكر دائما موصول للقائم على مبادرة الإذاعة الوطنيّة، الإذاعي المتألّق “أنيس الحرزي”، والنّاشط في المجال الإنساني والحقل الإجتماعي، المنسّق العامّ للحملة “الحبيب العرقوبي” ( 25990990)، وكافة الأطراف المشاركة لا سيما “الإتحاد التونسي للتضامن الإجتماعي”، و”جمعيّة أوريدو الخير”، وودادية “الستاغ”، والبقيّة.
تلاميذ عمادات “عين الحمام”: من قسوة البرد وقهر الفقر إلى خطورة الطريق
بالرجوع إلى “المعيشة الضّنكة” التي يحيا على وقعها أهالي منطقة “عين الحمام”، لا يمكن أن نغفل الأوضاع المزرية لتلاميذ الجهة هؤلاء الذين يستيقظون وينامون على مآس جمّة لا تحصى، لا سيما في مواسم القرّ والأنواء زمن الشتاء، الفصل الذي تنقطع فيه السبيل والمسالك الفلاحيّة وتعزل فيها بيوتهم المتهدّعة عن العالم الخارجي، فهؤلاء الصّغار يعانون الأمرّين ويكابدون من أجل الحضور الجسدي والذهني في أقسام ما يسمّونه “مدرسة”، حتّى إذا سحبنا عليها معايير المؤسسات التربويّة التي عهدناها في حواضرنا وحتّى في أحيائنا الشعبيّة وبعض قرانا، لم يعد من المنطق ولا من المعقول أن نقول عنها مدرسة.
أغلب تلاميذ جهة “عين الحمام” بمختلف مناطقها من الفئة المستحقّة على اعتبار الفقر المدقع الذي يعيشه الأولياء كونهم بلا موارد رزق قارّة تكفل لهم العيش الكريم المفترض حتّى ولو في أدنى مستوياته وأبسطها، فلا قطعان غنم ولا بقر ولا حتّى دجاج، شحّ الضّرع وجدب الزرع في ظلّ انخرام الجيوب، إن بقيت الجيوب أصلا في الثياب الرثّة البالية.
تلاميذ “الميدعة مرقّعة” تحتها “القميص ممزق” و”السراويل مهترئة” و”أشباه أحذية ألسنتها ضاحكة غير مستبشرة”، ولا تسأل عن المحافظ ومحتوياتها ومصروف الجيب، و”اللمجات”، فالسؤال فيه حيرة فلسفيّة تذكّرك بأنّنا “بلد أكثر من 3 آلاف سنة حضارة”، تلاميذ ربّما لا يجدون ما يأكلونه في منازلهم سوى الأعشاب النابتة هنا وهناك في مرتفعات وبطون وسفوح الجبال التي لا يعرفون معالم غيرها، نعم اسأل أطفال المدرسة هناك سيجيبونك عن أكلات ربّما لا يعرفها علماء الطّبخ الضاربين في القدم أوالمستلقين على شعيرات رأس الحداثة، هم يملئون بطونهم بـ “البوحليبة” و”القريّصة” و”العسلوج” و”البكّ”، هذه هي الأكلات الصحيّة لتلاميذ “عرومة” و”الأنقاع” و”زهنة” و”الشعابنيّة”، يأكلون ممّا تأكل الأغنام.
التلاميذ يقضون صباحاتهم ومساءاتهم ذهابا وإيابا مشيا على أقدامهم الغضّة التي تنتعل شبه “جلود” و”خرق” لا تتبيّن أشكالها من ألوانها، يمشون الزّمن الطويل في مسالك وثنايا وعرة وخطرة، يرتحل الصّغار كلّ يوم والمجهول يتربّص بهم من كلّ جانب فالطريق صالحة مستصلحة.
الأهالي وصغارهم التلاميذ وأبناؤهم الشباب هناك في “عين الحمام” مسّهم الضرّ وعتت عليهم قساوة الحياة والطبيعة، ولم تشملهم سوى بعض المبادرات الخيّرة التي تذكر فتشكر لكنّها تبقى غير كافية، لأنّ أصحاب الشأن من الماسكين بزمام السلطة التي خوّلها لهم الشعب في البلاد هم الأجدى بالتدخّل لنجدة وانتشال هذه الشريحة من التونسيين بما ينقلنا فعلا إلى تونس حديثة وليست بلد ما قبل التاريخ والعصور الجليديّة.
يتبع …
( قــيــس الــعرقــوبي )