متفرقات
( قــيس الــعرقـوبي) : وللفضائح برامج؟؟؟
برامج ما أنزل الله بها من سلطان انتصبت في هذه الفضائيّة أو تلك كأنّها “فريب الحفصية” تعرض بصفة دوريّة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على بال وقلب التونسي الذي ينظر إلى تونس فيها احترام ومبادئ وقيم سمحة، برامج تقول للناس أنّ تونس “ماخور” كبير أو هي شقّة واسعة للدعارة أو هي فضاء لمن هبّ ودبّ من رهط القوم الذين يفسدون ولا يصلحون، هذه البرامج تروّج للإنحطاط الأخلاقي وترمي إلى جعل الفواحش في الأقوال والأفعال أمرا عاديّا وربّما تصييره في ما بعد طبيعة حياتيّة يقبل بها التونسيّ و يتعايش معها وكأنّ شيئا لم يكن.
هذا غيض من فيض الأمثلة السيئة التي لم تتورّع إذاعات وفضائيّات تونسيّة على بثّها وإذاعتها للمتلقّي التونسي بذرائع نقل الواقع وما شابه من شعارات الكرتون ، قنوات تلفزيّة وإذاعات بات طبقها الرئيسي فضح النّاس وهتك ما ستره الله من عورات عمدا وتشفيّا ودون وجه حقّ خاصّة وأنّ المسائل المطروحة شاذّة والمواضيع المعروضة من شأنها أن تدخل المجتمع في دوائر الرذيلة وسفه الأخلاق بما يدمّر أركان الأسرة التونسيّة ويهدّم النسيج المجتمعي القائم على احترام حقوق وحريّات الآخرين وعدم التعرّض لحياتهم الخاصّة، الأمر الذي يكفله الدستور وتقرّه القوانين وتردع المارقين عنه والمتجاوزين له.
هكذا هو نوع الإستثمار الجديد في انتاج هذه “البرامج الفضائحيّة” ولا ضير أنّ نقول فيها ذاك المصطلح الرائج “برامج ماسونيّة” حيث لا محظور ولا تقيّد بضوابط لا من جهة الدّين ولا الأخلاق، ولا يهمّ إن كان المتفرّج صغيرا أم كهلا أم شيخا، والبضاعة الشّائنة المباعة شكلها واحد ولونها وحيد، برامج تأتيك وأنت في بيتك بكلّ حالات الفحش والجريمة والفساد، تعرض كلّها بـ”حشيشها وريشها”، لا ضير في ذلك إن كان المعروض فيه محارم أو شذوذ أو جرائم لا يقوى على فعلها ابليس و يرقّ لها قلبه.
أمر مقزّز يستوجب الخوض فيه، فمثل هذه “البرامج” هي لا محالة مطلوبة “لو” كانت تأتي لرصد الظواهر وتشخيص الدّاء وبحث سبل العلاج الملائم لتطبيب هذا المرض الإجتماعي أو النفسي أو ذاك، ولنا في برامج فرنسيّة قديمة نسخنا منها نحن العرب والمسلمون وقلّدناها، وحرص الحريصون على تقليدها فشوهوا مضامينها وأهدافها، بل فسخوا ملامحها وسقطوا في مستنقع “العطن الرؤيوي” و”الإستشراف البوهيمي” بعد أن عمدوا إلى تضخيم الوقائع المنقولة وإضفاء هالة التراجيديا على حوادث ومواقف تراجيدي حتّى بدت كأنّها مقطوعة مسرحيّة كوميديّة ساخرة يمكن عنونتها بـ “مضحكيات مبكيات في برنامج فكهاجي الأمسيات“.
من حقّ التونسيين كمواطنين محترمين في دولة محترمة أن ينقل إعلامه العمومي والخاصّ صورة ليست مضخمة ومغلوطة عن واقع الإنسان التّونسي المؤمن بالحريّة والعدل والديمقراطيّة وخاصّة احترام الخصوصيّات واحترام الذّائقة الشعبيّة وإعطاء المثل لأطفالنا الصّغار عبر سلوكيات قويمة مستقيمة وليس العكس، صراحة هذا الشقّ من “الإعلام” حاد عن الرّسالة الوطنيّة النبيلة المفترض أن يؤدّيها ويتحمّل أمانة نقلها وتبليغها، شقّ انحرف عن الصّواب وحاد عن السكّة الصّحيحة التي كان من المنتظر أن نسلكها جميعا لإنقاذ بلادنا من دوّامة العنف والتطرّف والإرهاب، أردت أيضا أن ألفت الإنتباه إلى أنّ هذه البرامج من شأنها أن تشعل نار الفتنة وتدفع إلى تسعير الأفكار المتطرّفة لدى الشباب كما غيرهم من الفئات العمريّة ليحصد التّونسيّون ما لا يحمد عقباه دون أن تفعل أيديهم أو تعمل أرجلهم.
ما تستنتجه فئة واسعة من التّونسيين هو أنّ “فيئا” من إعلامنا التّونسي رغبته جامحة في دفعنا، دفعا، إلى الإقتداء بالنّماذج السيئة.