الأخبار الوطنيةثقافة و فنون
مدينة الثقافة: “اجعلوها دار المثقفين لا وكرا للحرافيش”
تصفّحت خبرا أوردته جريدة “لابراس”، اليوم السبت 16 سبتمبر 2017 مفاده أنّ مدينة الثقافة، هذا الصّرح الذي يترقّبه المبدعون في شتّى المجالات، هو جاهز وقاب قوسين أو أدنى من فتح الأبواب، وقريبا الشروع في عمليّة التسيير والإدارة وما جاورها من انطلاق البروتوكولات المعمول بها في نطاق عمل المؤسسات الوطنيّة.
وهو لعمري خبر يجعلني كتونسي من المستحسنين لإقامة هذه المؤسسة التي من المنتظر أن تجمع كلّ أطياف الطبقة المثقفة في البلاد التّونسيّة، حيث يتوقّع المبدعون في الأدب والمسرح والموسيقى والسينما والرسم والنحت، وغيرها من الفنون أن تكون “مدينة الثقافة” هي الدّار الكبيرة التي تؤمّهم وتجمع شملهم، وفيها يتداولون في أمورهم ويتطارحون مشاغلهم، وفي حرمها يعرضون مطالبهم ويستعرضون تطلعاتهم، وفي فضائها أيضا يطلقون لإبداعاتهم العنان، هذا ما تترقّبه الطبقة المثقفة في تونس من هذه المؤسسة الجديدة.
لقد أنفقت المجموعة الوطنيّة المليارات من أموال الشّعب على تشييد معلم “مدينة الثقافة” ليكون لتونس ولمثقفيها ولجماهير شعبها مدينة بمعايير المؤسسات الثقافيّة العظيمة التي تحتكم عليها الدول ذائعة الصيت في الثقافة، انتاجا ومضامين عبر التاريخ البشري، هذه المليارات التي صرفت يجب أن لا تذهب جفاء كزبد البحر، بل يجب أن تعود بالنفع على المثقفين وعلى الجمهور التّونسي بكلّ مشاربه وانتماءاته الفكريّة والسياسيّة والجهويّة.
“مدينة الثقافة”، وهي على مشارف فتح أبوابها لا يجب أن تكون وكرا للدخلاء والسّماسرة ولصوص الثقافة وأعداء المثقفين، فرئيس الحكومة ووزير الثقافة كلاهما مسؤول مسؤوليّة لا تقلّ أهميّة عن مسؤوليّة الذود عن حرمة الوطن وأهله، مسؤوليّة في انتقاء أشخاص أمناء على هذا الصّرح الجديد لما له من حساسيّة وأهميّة، أشخاص من المثقفين الحقيقيين، ومن أصحاب التّاريخ والإنتاجات الثقافية.
فهذه المدينة يجب أن تعهد إدارتها العامّة وكذلك تسيير إداراتها الفرعيّة إلى رجالات الثقافة، من الرّجال والنّساء على حدّ السّواء، لا تجعلوها في أيدي “أصحاب الأفواه القذرة” و”جرّارات السراويل المفتوحة”، ولا تجعلوا الأمانة عند “المأدلجين” ولا زمرة المتنطّطين و”العوقّرة” ومثيري المشاكل والمستعدين لكلّ مثقفة، والذين يستطيع الواحد أن يصنّفه في أيّ خانة متدنية ترتبط بسفه المستوى والأخلاق.
مدينة الثقافة، اجعلوها مدينة المثقفين لا الحرافيش.
( قــيــس الـعرقــوبي )