مجلة “الأخبار برايل” نافذة المكفوفين العرب على العالم
تقدم مجموعة من الصحافيين المصريين مجلة “الأخبار برايل” التي تتوجه للمكفوفين في العالم العربي بلغة برايل وتهتم بالمشكلات التي يواجهها ذوي الإعاقة من المكفوفين، كما تؤسس لإعداد جيل كامل من الصحافيين ذوي الإعاقة لدمجهم داخل العمل الصحافي والإعلامي، لكنها تحتاج إلى الدعم للاستمرار في سوق الإعلام المضطرب.
مجلة “الأخبار برايل” هي أول مجلة شهرية لمخاطبة المكفوفين وضعاف البصر في المنطقة العربية، تصدرها مؤسسة صحافية حكومية مصرية ويحررها عدد من خريجي الإعلام فاقدي البصر.
وتصدر مؤسسة أخبار اليوم مجلة “الأخبار برايل”، المطبوعة بطريقة برايل، وتستهدف أكثر من 2 مليون مصري كفيف، بشكل مجاني. وتقدم محتوى إعلاميا متنوعا يشمل جميع الفنون الصحافية ويركز بصورة أقل على الجانب الخدمي بالنسبة إلى ذوي الإعاقة والمكفوفين، فيما يتركز جزء من مضمونها في مناقشة المشكلات التي تواجه تعاملهم داخل المجتمع، في محاولة لتحقيق أهداف الدمج المجتمعي للدولة المصرية.
وقال أحمد المراغي رئيس تحرير الأخبار برايل في تصريحات صحفي إن التجربة لا تستهدف فقط الاهتمام بالمشكلات التي يواجهها ذوو الإعاقة من المكفوفين، بل تؤسس لإعداد جيل كامل من الصحافيين ذوي الإعاقة لدمجهم داخل العمل الصحافي والإعلامي، ما سينعكس على الاهتمام بالمشكلات التي تواجههم.
وأضاف أن “المجلة تطبع منها 3 آلاف نسخة شهريا، ويتم توزيعها داخل المؤسسات والهيئات الحكومية، بالإضافة إلى دور النشر والمكتبات، كما سيكون التوسع على المستوى العربي والعالمي حاضرا من خلال توزيع نسخ على السفارات والمراكز الثقافية بالقاهرة، ويتم التجهيز حاليا لإصدار مطبوعة مترجمة للغة الإنكليزية”.
وتتحمل المؤسسة الصحافية كافة تكاليف الطباعة التي تبلغ 60 جنيها مصريا (نحو 3 دولارات)، وهو ما يتطلب دعما ماليا قويا، خاصة وأن تلك الإصدارات لا تهدف إلى الربح، وتوزع مجانا.
وحسب إحصاءات أصدرتها منظمات مدنية تهتم بشؤون ذوي الإعاقة في مصر، يبلغ عدد هؤلاء المكفوفين في مصر مليوني شخص، بينما قدرتهم آخر إحصائية نشرتها منظمة الصحة العالمية في عام 1999 بحوالي 1.6 مليون.
وتسعى المجلة إلى التغلب على المشكلات المتعددة التي واجهت مثل هذه التجارب في السابق، وكان مصيرها الإغلاق بعد وقت قليل من صدورها، الأمر الذي تكرر في أكثر من تجربة على مستوى العالم العربي، لعدم توافر التمويل اللازم وصعوبة وصولها إلى الجمهور المستهدف.
القائمون على التجربة الجديدة يرون أنها تفتح مجالا جديدا لعمل فاقدي البصر، وهو ما تتيحه هيئة التحرير التي تم تشكيلها من سبعة مكفوفين كما أن فكرة المجلة بدأت منذ عام 2007، واستطاع المراغي أن يصدر أول مطبوعة في عام 2008، لكن “جميع الجهات العاملة في الوسط الصحافي التي خاطبها لم تهتم بهذه النوعية من المطبوعات” لذلك توقف المشروع مؤقتا.
لذلك فإن التجربة الجديدة ستكون أمام تحد يرتبط بسوق الإعلام المصرية والعربية، والتي تعاني ركودا عاما يؤثر على قدراتها المالية في طباعة الأوراق المكتوبة بطريقة برايل.
وأوضح المراغي أن هذا الإصدار حاول التغلب على المشكلات التي كانت تقف عائقا أمام استمرار أي مطبوعة تخاطب المكفوفين في العالم العربي، وذلك بطباعته عن طريق إحدى المؤسسات الصحافية الحكومية، لأن ذلك يساعد على توفير حقوق الرعاية الإعلانية من قبل العديد من المؤسسات والشركات الحكومية والخاصة.
وكانت مؤسسات تكنولوجية عالمية سبقت الصحافة المطبوعة في هذا المجال وخصصت أجهزة التابليت اللوحي للمكفوفين، للاطلاع على الأخبار المنشورة على المواقع الإلكترونية منذ عام 2013.
ورأى القائمون على التجربة الجديدة أنها تفتح مجالا جديدا لعمل فاقدي البصر، وهو ما تتيحه هيئة التحرير التي تم تشكيلها من سبعة مكفوفين، كما يطمح رئيس تحرير المجلة مستقبلا إلى أن يتم تحرير الصحيفة بالكامل بواسطة المكفوفين أنفسهم، وفي الوقت الحالي يعمل بالمجلة أحد المحررين المكفوفين المعتمدين لدى نقابة الصحافيين المصرية (وهو يعمل بصحيفة المصري اليوم الخاصة).
وقالت نهلة سليمان أحد أعضاء مجلس تحرير المجلة الجديدة إنها عانت منذ سنوات من صعوبة العمل في إحدى المؤسسات الصحافية بعد أن تخرجت من كلية الإعلام، وأن الأخبار برايل تفتح الباب أمام الموهوبين ودارسي الإعلام من المكفوفين للتدريب والعمل. وشددت على أن الصورة الذهنية عن المعاقين بصفة عامة تصعب من مهمة حصولهم على فرصة عمل.
أحمد المراغي: طباعة المجلة عن طريق مؤسسة صحافية حكومية توفر حقوق الرعاية الإعلانية
وأضافت سليمان أن سوق الإعلام العربي بحاجة إلى المزيد من التجارب الصحافية والإعلامية لمخاطبة فاقدي البصر، ونجاح التجربة الجديدة في الاستمرار لأطول فترة ممكنة وكذلك نجاحها في تحقيق الانتشار المرجو قد يحفز العديد من المشروعات الإعلامية الأخرى للظهور خلال الفترة المقبلة.
ومنذ بدايات الألفية الجديدة، كانت هناك العديد من التجارب التي لم تتمكن من الاستمرار في عملها لأسباب اقتصادية، وفي ذلك الوقت أصدرت إحدى المؤسسات الأهلية المصرية غير الحكومية صحيفة عنوانها “النور والحياة”، لكنها توقفت بعد عدة أشهر. ثم في عام 2008 أصدرت مؤسسة وطني الصحافية الخاصة مجلة “وطني برايل”، بالإضافة إلى محاولات عديدة أخرى.
وترى حنان يوسف أستاذة الإعلام بجامعة عين شمس أن المجتمعات العربية تعاني مشكلات مزمنة في تقديم الدعم الإعلامي لذوي الاحتياجات الخاصة، وهو ما ينعكس على استمرار رسوخ الصورة النمطية للمعاقين بشكل عام، والذين يتم تقديمهم في وسائل الإعلام على أنهم أقل قدرة وعطاء.
وأوضحت أن هناك مشكلات عدة على مستوى توفير البيئة العلمية لذوي الإعاقة، وبالتالي فإن التعاطي مع المنتجات الثقافية والصحافية لا يكون على قدر الاهتمام الكافي، بما يؤثر على مشاركتهم في المحتوى الإعلامي المقدم إليهم، الأمر الذي يعطي التجربة الجديدة نوعا من التميز، شريطة أن تتوفر الأساليب السليمة للتدريب.
وبالنسبة إلى المكفوفين، فإن انغماسهم في العمل الإعلامي قد يكون أكثر تأثيرا من خلال العمل الصحافي والإذاعي، لكنه لن يكون على نفس الدرجة من الإتقان على المستوى التلفزيوني أو المرئي، وتنحصر أدوار غالبيتهم في أماكن العمل المكتبية.
والبرايل كتابة أبجدية اخترعها الفرنسي لويس برايل يستطيع المكفوفون من خلالها القراءة، بجعل الحروف رموزا بارزة على الورق، ما يسمح بالقراءة عن طريق حاسة اللمس.