تونس تسعى لاستقطاب شركات صناعة الطيران العالمية
تراهن تونس على أن تصبح قطبا صناعيا في مجال صناعة مكونات الطائرات في شمال أفريقيا نظرا لفرص الاستثمار الواعدة مدفوعة بالدعم الكبير من شركائها بعد أن تسارعت وتيرة هذه الصناعة وشهدت تزايدا في الطلبات عليها حول العالم.
عزّزت الدولة التونسية جهودها لاستقطاب كبرى شركات صناعة الطيران العالمية، من أجل ضخ استثماراتها في البلاد، في مسعى لدفع عجلة النمو الاقتصادي، لا سيما عبر تنفيذ استراتيجية جديدة لتطوير القطاع تتضمن توسيع المنطقة الصناعية في منطقة “المغيرة” من ولاية بن عروس، وتسهيل كافة الإجراءات أمام الشركات العالمية للاستثمار في البلاد.
ويتركز في منطقة المغيرة مركز تكوين مهني مختص في صناعة مكونات الطائرات ومنظمة مهنية تعمل كحاضنة للصناعيين المستثمرين في هذا القطاع، حيث تؤكّد عديد المصادر أنّ مخططا حكوميّا بصدد الإنجاز لتعزيز البنية التحتية للمنطقة حيث سيتم توسيعها لتكون المساحة الإجمالية في حدود 23 هكتارا، بما يضمن توفير كافة الظروف الملائمة أمام المستثمرين.
وقد كانت وزارة الصناعة والطاقة قد اتفقت في وقت سابق مع عدد من المستثمرين التونسيين والأجانب في المنطقة لإحداث لجنة مشتركة لمعالجة المشكلات المطروحة وتذليل الصعوبات الموجودة، ويتوقع أن يضم القطاع حوالي 150 شركة بحلول العام 2020.
وبحسب دراسة حديثة لوكالة النهوض بالصناعة والتجديد، فإن عدد الشركات العاملة في قطاع صناعة الطائرات ومكوناتها من المنتظر أن يرتفع خلال السنوات القادمة لتبلغ طاقة تشغيلها 10 آلاف فرصة عمل.
وبينت الدراسة العمل المتواصل على تنويع المنتجات في مجال صناعة الطائرات ومكوناتها على غرار تفكيك الطائرات وتهيئتها الداخلية وصناعة قطع غيار الطائرات القديمة.
ويرى محللون اقتصاديون أن بإمكان تونس تطوير هذه الصناعة وجعلها من بين القطاعات الإستراتيجية التي تدر عائدات إضافية للخزينة على غرار صناعة مكونات السيارات بعد أن ظهرت منافسة شديدة بين عمالقة هذه الصناعة في العالم لتوسيع نطاق استثماراتهم.
وشهدت صناعة مكونات الطائرات تطورا كبيرا في تونس خلال السنوات العشر الأخيرة رغم الظروف التي مرت بها البلاد، إذ تشير بيانات حكومية إلى ارتفاع قيمة صادرات القطاع من 15.1 مليون دولار في 2006 إلى 216 مليون دولار في العام الماضي.
وبحسب وزارة الصناعة فإن رقم معاملات قطاع صناعة الطائرات في المغيرة ارتفع خلال السنوات الأخيرة ليناهز 231 مليون دولار، ويؤمن القطاع حاليا أكثر من 12 ألف فرصة عمل، وهو يضم 70 شركة، منها تسع شركات للخدمات والبقية شركات صناعية.
وتعتبر شركة “ستاليا” المختصة في صناعة كامل الجزء الأمامي لطائرات ايرباص 320، من بين أهم الشركات التي تعمل في تونس حيث توفر قرابة 900 فرصة عمل. كما تظهر مؤشرات المعهد الوطني للإحصاء أن “ستاليا” تصدر شهريا نحو 45 هيكلا أماميا كاملا لهذه الطائرات، وذلك بمعدل 3 مرات في الأسبوع.
ويعد فرع أيرباص الذي بدأ في تونس عام 2009 باستثمار بلغ 35 مليون دولار، الأول من نوعه لشركة أوروبية، تضخ استثمارات مباشرة لدولة من خارج الاتحاد الأوروبي.
وقال إسلام بن مبارك مدير مساعد يعمل في شركة تونسية مختصة في صناعة أجزاء من هيكل الطائرات في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية، إن “هذه الصناعة تشهد تطورا كبيرا في العالم وهي قطاع واعد للاستثمار بفعل المميزات التكنولوجية الجديدة التي تفتحها”.
وأوضح بن مبارك أن مستقبل صناعة مكونات الطائرات دفع بالقائمين على الشركة إلى خوض غمار هذه التجربة بصناعة تونسية خالصة موجهة إلى علامات عالمية معروفة.
وتشير المعطيات إلى أن إنتاج الطائرات خلال السنوات القادمة سيشهد قفزة كبيرة ومن المنتظر صناعة أكثر من 33 ألف طائرة جديدة بتكلفة كبيرة يقدرها المختصون بنحو 5 تريليون دولار.
ومن هذا المنطلق، تسعى تونس إلى أن يكون لها إسهام في تطوير صناعة الطائرات من خلال استقطاب المزيد من الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي والواعد.
وبينما يتوقع البنك المركزي التونسي أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي هذا العام نحو 1.6 بالمئة، تطمح تونس في أن يصل معدل النمو 4 بالمئة بحلول عام 2020 إذا استمر الوضع مستقرا.