من أنباء البلد: “كورتنا” وسياستنا واقتصادنا وثقافتنا يلزمها “رجال”
الحمد لله لست من عشّاق أو حتّى من متتبعي “الكورة“، حتّى في حال لعب المنتخب الوطني، على اعتبار أنّ الوطنيّة عندي أساسها الغيرة والاستعداد الدائم على الذود عن استقلال البلد، والحفاظ على سيادته، والفخر بقوّته العسكريّة والأمنيّة والاقتصادية والثقافيّة وكلّ ما يجعل لدولتنا وشعبنا مكانة محترمة وقدرا يليق بنا أمام بقية بلدان وشعوب العالم، الوطنيّة التي أفهمها هي أن تكون تونس قويّة صلبة لها جيشها العتيد، وأمنها الثّابت، واقتصادها الذي لا يتزعزع، وثقافة يشعّ قبصها في آفاق الدنيا.
يبدو أنّ انهزام منتخب كرة القدم الذي اختير عناصره لتمثيل الراية الوطنيّة أثار حفيظة الجماهير التونسيّة، فأداؤه لم يكن في المستوى المطلوب، أو قل لم يكن عناصره الندّ الصّلب للمنافس البوركيني ليقتلعوا ورقة العبور للدور الذي يليه، بالنسبة للعبد الفقير لله “غسلت يدي” من كورة تونس، وخاصة بالنسبة لمنتخبها منذ أوائل الألفيّة، بعدما اختلط الحابل بالنّابل، وتغيّرت هذه اللعبة في ظاهرها وباطنها، وما خفي كان أعظم.
أيها المهووسون بـ”الكورة” أنتم أحرار في عشقكم وفي متابعتكم لفرقنا الرياضيّة لكن لا بد من الوضع في الاعتبار أن “الكورة” ليس دلال “ماما وبابا” (منطوقة بلكنتها الفرنسيّة الركيكة المميعة في محلول “الفيلينغ”) أو “سهريّة هشك بشّك” أو “تفشيش” و”تبهبير” و”تقشقيش حناك” في بلاتوهات السفه والغلبة أو ما شابه من قول وفعل الترهات، الملعب هو ساحة حرب حقيقيّة تتطلّب “قلاديوتارات” و”رجال صحاح”، لأنّ المنتخبات الإفريقيّة، على وجه الدقّة، تحتكم في كوكباتها على لاعبين “عبابث” و”صمّ” و”ياكلو الزلط”، كما يقول الأشقاء المصريّون.
فبحيث ودون مكابرة، منتخبنا لن يكون له وزن ولا مكانة حتّى نرمّم هذا المجال، ونعمل بتلك المنهجيّة القديمة القويمة، عندما كان خبراء ومدربون يتجوّلون في الأحياء والحوم والبطاحي لاكتشاف المواهب، هذه المنهجيّة “الكاستينغ” أتت أكلها وأثمرت وجلبت للعالم أيقونات في اللعبة وأساطير، وأكتبوا على الوسائط الإلكترونيّة ستكتشفون حجم كارثة أن تلحق بالكرة أو غيرها من المجالات من ليس من أهلها، وأنّ تستعمل في ذلك العلاقات والمحاباة ووووو.. هذه السياسات التي جلبت الويل والثبور وباءت بالفشل تلو الفشل على كرتنا وسياستنا واقتصادنا وحتّى ثقافتنا المترهّلة، الممّجدة المادحة الصّادحة باسم وحياة أهل الحلّ والعقد.
فبحيث، وباختصار “كورتنا” وسياستنا واقتصادنا وثقافتنا يلزمها “رجال”، مع إعفاء القلم من جرّ المزيد.