في بلد الـ 800 ألف عاطل: زحف اليد العاملة الأجنبيّة
تؤشّر التقديرات الإحصائيّة الأخيرة أنّ عدد العاطلين عن العمل في تونس بلغوا مستوى 800 ألف تونسي أي ما يضاهي 15 بالمائة من التونسيين، لكن في المقابل فإنّ معظم العاطلين عن العمل يرفضون الاشتغال في مهن تحتاج إلى يد عاملة مثل الفلاحة والبناء والنّجارة وأعمال الحضائر بأنواعها، الأمر الذي يضطر أصحاب المؤسسات للاستعانة بيد عاملة أجنبية.
وقد تحول الاستنجاد بالعمالة الأجنبية وخاصة الافريقية إلى ظاهرة متفشية في قطاعات عديدة خاصة مع عزوف العامل التونسي على العمل في قطاعات تستوجب مثل الفلاحة والصيد البحري وبعض القطاعات المعملية وفي البناء.
وحسب آخر المعطيات الصّادرة عن معهد الإحصاء، فقد بلغ عدد العاطلين عن العمل في صفوف حاملي الشهائد العليا حوالي 222.9 ألف عاطل الى موفي مارس 2015، وتقدر بذلك البطالة لدى هذه الشريحة بنسبة 30 بالمائة، وهو ما يعني أن حوالي 70 بالمائة من العاطلين عن العمل هم دون شهادات عليا ورغم ذلك فإن مشاكل الحاجة إلى يد عاملة في قطاعات معينة متزايدة.
يد عاملة مفقودة
يشتكي الفلاحون عموما من غياب اليد العاملة لاسيما في موسم الحصاد وفي غيرها من المواسم، من ذلك أنّ قطاع الفلاحة يحتاج، حسب بعض الدراسات إلى نصف مليون عامل بشكل موسمي و100 ألف بشكل قارّ، وفي المقابل نجد أن قطاع الفلاحة والصيد البحري لا يشغّل حاليا إلا 15.4 بالمائة من اليد العاملة النّشيطة.
من جهة أخرى يشير عدد من المختصين الى أن قطاع البناء يحتاج إلى 50 ألف عامل إضافي لتلبية حاجيات سوق الشغل إضافة الى قطاعات أخرى كالصناعات الالكترونية والكهرومنزلية والخراطة والحدادة واللحام التي تفتقد الى أكثر من 10 آلاف عامل مختص.
4272 عامل أغلبهم من فرنسا وإيطاليا
بلغت تراخيص العمل المسندة للأجانب بتونس خلال الأشهر الثمانية الاولى للسنة لسنة 2016 الجارية 4272 ترخيص أغلبها من فرنسا (944 تصريحا) وإيطاليا (593 تصريحا) ثم المغرب (587 تصريحا) فألمانيا (181 تصريحا) فانقلترا (134 تصريحا).
ويذكر أن تراخيص العمل المسندة للأجانب العاملين بتونس بمختلف أصنافهم من مستثمرين وعمال قد سجّلت تقلّصا ملحوظا خلال سنة 2011 حيث انخفضت من 7436 تأشيرة سنة 2010 الى 5873 تأشيرة سنة 2011، حيث أرجع مسؤولون في قطاع التشغيل هذا التطور السلبي الى الصعوبات التي شهدها القطاع السياحي وتقلص نشاطه حيث انخفض عدد ممثّلي وكالات الاسفار الأجانب من 972 وكالة سنة 2010 الى 364 وكالة سنة 2011 كما انخفض عدد المنشطين السياحيين من 503 الى 279 خلال نفس الفترة.
أما عدد تراخيص العمل المسندة للأجانب العاملين بالمؤسسات المصدّرة كليا فقد تراجع بدوره من 1532 سنة 2010 الى 1362 سنة 2012 جرّاء الصعوبات التي عرفتها مختلف القطاعات الاقتصادية خلال تلك الفترة.
وتتوزع اليد العاملة الأجنبية حسب الإطار القانوني للشهادات والعقود خلال الاشهر الثمانية الاولى الى 920 مسيرين ووكلاء و845 في المؤسسات المصدّرة كليا و737 جزائريين ومغاربة و8 بمؤسسات بنكية ومالية غير مقيمة و46 بشركات النفط في مرحلة الاستغلال و30 جمعيات غير حكومية و15 في إطار الاتفاق التونسي الفرنسي و976 أعوان ملحقين بمؤسسات في إطار إنجاز صفقات أو تعاون فني أو نقل بحري وجوي فضلا عن 633 عاملا في القطاع السياحي و62 رياضيا.
500 ألف أجنبي عملوا بتونس خلال سنتي 2011 و2012
وللتذكير فإنّ وجود اليد العاملة الأجنبية في أماكن عديدة أمسى يسترعي انتباه الكثير من التونسيين، ويرجع البعض وجود هؤلاء العملة إلى سنتي 2011 و 2012، حيث مرّ بالتراب التونسي أكثر من 500 ألف عامل أجنبي قدموا خاصة من ليبيا، وحسب إحصائيات بعض المنظمات الدولية غادر أكثر من 400 ألف منهم تونس باتجاه بلدانهم فيما فضّل البقية البقاء في تونس لتحيّن الفرصة والهجرة نحو بلدان أوروبية ولتوفير قوت يومهم حيث تشير هذه المنظمات إلى تمكّن عدد كبير منهم من العثور على شغل في قطاعات عديدة كالفلاحة والصيد البحري ومراكز الاتصال والبيع بالأنترنت والسياحة والبناء.
ويعيش قطاع البناء والمقاولات العمومية أزمة كبيرة على مستوى العمالة رغم قدرته على استقطاب أكثر من 520 ألف عامل مما جعل عديد المقاولين يتعذّر عليهم الايفاء بآجال تسليم مشاريعهم مما جعلهم عرضة لدفع ضريبة التأخير الموثقة بعقود صفقاتهم، الأمر الذي دفعهم للتعويل على اليد العاملة.
الموقف النقابي
قال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي يوم الجمعة 09 ماي 2014 خلال المؤتمر العادي للنقابة العامة للشؤون الاجتماعية والتضامن والجمعيات أن المجلة الجديدة للاستثمار لا يجب أن تتضمن نقاطا تسهّل تشغيل اليد العاملة الأجنبية على حساب اليد العاملة التونسية.
تقييد الإجراءات
من ناحيته أكّد الخبير الدولي في مجال الهجرة “علي اللّبيب” أنّ تونس اليوم لا تحتاج بأيّة حال ليد عاملة إضافية من الخارج مهما كان صنفها لا سيما وأنّ عدد العاطلين عن العمل فيها يتجاوز مستوى الـ 800 مائة ألف عاطل منهم ما يعادل 250 ألف من خريجي الجامعات.
ويشير الخبير “علي اللّبيب” أن “وضع البلاد وضع استثنائي كان بالأحرى الإعلان عن إجراءات تقيّد أكثر من السابق تشغيل الوافدين مهما كانت أوطانهم، وهذا ليس فقط لإعطاء الأولوية للتونسيين، وإنما لأنه من الثابت بأن العمال الأجانب ببلد متأزم يكونون دائما أول ضحايا التوترات التي تحصل بذلك البلد كما أنهم يُحمّلون دائما مسؤولية تفاقم البطالة في صفوف المواطنين الأصليين”.
ويعلّق الخبير الدولي في الهجرة بالقول:” في الأوضاع الراهنة بتونس لا أرى منفعة اقتصادية أو اجتماعية من فتح الحدود أمام اليد العاملة الأجنبيّة بل سوف يترتب عن قدومهم العشوائي مزيدا من الفوضى ومزيدا من التوترات التي تضرّ بالجميع.”
عدد الأجانب المقيمين في تونس وجنسياتهم
أظهرت احصائيات أعلن عنها المعهد الوطني للإحصاء، بتاريخ الثلاثاء 14 أفريل 2015 ، أنه يوجد في تونس 53 ألف و490 مقيما أجنبيا، وأنّ الأجانب من جنسيات مغاربيّة يتصدّرون التّرتيب بـ 24 ألف و841 شخصا، وفي مقدّمتهم اللّيبيين بـ 8772 فردا، يليهم الجزائريّون بـ9996 ثمّ المغاربة بـ5565 مغربيا ثم الموريتانيين بـ 508 موريتانيّا.
وتأتي الجالية العربية بعد الجالية المغاربية حيث يقيم في تونس زهاء 1093 مصريا و1024 سوريا و550 عراقيّا، في حين تحتلّ الجالية الأوروبيّة المركز الثالث بـ 8284 فرنسيا و2118 ايطاليا و1393 ألمانيا، في حين تحتلّ الجالية الافريقية المركز الرابع بـ 958 شخصا من مالي 689 من الكاميرون.