عـــــــاجـــــل
والي بن عروس السابق ينفي مانسب إليه من أخبار زائفة مؤكدا أنه لايملك أي صفحة على الفايسبوك بإسمه سفيرة الإمارات بتونس:نطمح أن يكون مستوى العلاقات الإماراتية التونسية لأعلى مستوياتها النسخة التاسعة من أسبوع المطبخ الإيطالي حول العالم اللجنة الإقتصادية لأفريقيا تنظر في مساهمة تحويلات المهاجرين في التنمية العيد الوطني الرابع والخمسين المجيد لسلطنة عُمان بقلم سعادة الدكتور "هلال بن عبدالله السناني" سفير س... سلطنةُ عُمان تحتفل بعد غدٍ بالعيد الوطني الـ 54 المجيد السيد المدير العام للديوانة يتفقد سير عمل عدد من المصالح الديوانية بتونس مصالح الحرس الديواني تحجز خلال أسبوع كميات هامة من البضائع ومبالغ مالية مهربة بقيمة جملية بلغت 1.6 م... ورشة عمل لتفعيل الأنشطة المبرمجة في إطار شبكة الجيل الجديد للديوانة الأمين العام السابق للجامعة العربية نورالدين حشاد ابن الزعيم فرحات حشاد يتعرض الى وعكة صحية حادة تونس تحتضن الدورة السادسة للصالون الدولي للنسيج "INTERTEX TUNISIA" من 17-19 أكتوبر 2024 معهد تونس للترجمة ينظم ندوة دولية حول "الترجمة ومجتمع الغد"
الأخبار الوطنية

التجاذبات حول الزيادة في الأجور: هل تضعنا “صابة الإضرابات” المعلنة في ثلاّجة “الموت الإقتصادي”؟؟؟

رغم المجهودات المبذولة من قبل الطرفين الحكومي والمنظمة الشّغيلة لبلوغ اتفاق نهائي بين الطرفين حول إرجاء الزيادات في الأجور لمدّة سنة واحدة فإنّ هناك “تعثّرا”، يمكن تجاوزه، ما زال يلقي بظلاله بين الجانبين، والذي من شأنه أن يخلّف آثاره السلبيّة على الاقتصاد الوطني وكذلك من ناحية المناخات الاجتماعية، أضف إلى ذلك تململ “منظمة الأعراف” من تحمّل ما اعتبرته مشقّة كبيرة بالنسبة للتضحية المتعلقة بالزيادة المقترح الترفيع فيها بـ 7,5 كضريبة استثنائيّة على المؤسسات المقرّرة صلب قانون المالية بعنوان سنة 2017.

ويرى متابعون من الرأي العام وخبراء في المجالين الاقتصادي والاجتماعي أنّ هذا التشرذم يعدّ انحرافا على ما تضمنته “وثيقة قرطاج” التي حظيت بموافقة الطرفين الاجتماعيين وفي المقدّمة اتحادي الشّغالين والأعراف، وهناك فئة تلقي باللاّئمة على هذين الطرفين على اعتبار ما تستوجبه دقّة الظرف الصعب للبلاد على تقاسم التضحيات بما يجنّب مركب البلاد إمكانيّة الغرق السريع بكلّ من فيه.

ويؤكّد أهل الدّراية من العارفين بخبايا الشأن العام ومستجدّاته في تونس أنّه في صورة عدم تسوية الأمور وذهاب الأحداث في اتجاه إعلان صابة من الإضرابات الشغليّة المنظّمة والعشوائيّة، فإنّ البلاد ستعود إلى المربّع الأوّل بما فيه من مخاطر وهزّات، فهذه الإضرابات ستكون لا محالة موجة جديدة منتظرة من التوقّف عن العمل من شأنها أن تؤدّي إلى تعطيل حاجات المواطنين وإصابة الحراك العامّ بشلل عامّ البلاد خاصّة إذا وضعنا في الاعتبار قطاعات النقل والصّحة والتعليم وخدمات المرفق العامّ بما يضع تونس على سكّة العودة إلى المؤشرات السلبيّة.

هذه الإضرابات إذا لم يتمّ تجنبها وطرح فكرتها جانبا في هذه المرحلة بالذات فإنّها حتما ستضعنا، مرّة أخرى، في ثلاّجة الموت الاقتصادي والتّجاذب السياسي وستزجّ بنا، مجدّدا، في حلبة الاحتقان المجتمعي بالنظر إلى الخسائر المنجرّة عن إهدار مليارات من ساعات العمل على ماكينة الاقتصاد الوطني وعلى صورة بلادنا في الخارج وتأثير تذبذب المشهد العام على جلب المستثمرين وعلى نوايا الاستثمار الأجنبي وخاصّة على القطاع السّياحي المختنق أصلا جرّاء اهتزاز الوضع الأمني من وقت لآخر بسبب الإرهاب.

الإضراب دستوري وممارسته قانونيّة حسب الضوابط التي تحدّدها مجلّة الشغل، وهي وسيلة مشروعة للضّغط على المؤجّر دولة كانت أو خوّاص لحفظ حقوق الشّغالين وصون كرامتهم وردّ حقوقهم المهضومة لكنّه يجب أن لا يتحوّل أيضا إلى أداة للإضرار بالصّالح العامّ إذا استخدم في الاتجاه الخطأ الذي لا يقدّر العمل كقيمة أو الذي يتغافل عن الظرفيّة الصعبة التي تمرّ بها الدولة ونحن قاب قوسين أو أدنى من أن ننجز “المؤتمر الدولي للاستثمار”، هذه المناسبة التي يجمع أهل الاقتصاد والصناعة والتجارة والمال والأعمال والعمارة أنّها ستكون مفصليّة في تاريخ تونس الاقتصادي وفي تحديد معالم سياساتها وعلاقاتها الدوليّة في المستقبل.

الإضراب في غير وقته ودون مراعاة وضعيّة المؤسّسة أو المؤجّر في مرحلة مضبوطة يؤدّي حتما إلى الإضرار بالجميع على حدّ السّواء وفي طليعتهم الأجراء الذين ستزداد وضعيّاتهم سوءا باعتبار تعذّر الاستجابة لمطالبهم لصعوبات ماليّة واقتصاديّة قاهرة، ونحن في تونس نفتخر بدسترة الحقّ في الإضراب في دستورنا الجديد وتفسير ذلك بوضوح خاصّة في الفصلين 35 و36، ولكنّنا قبل كلّ ذلك نفتخر بتاريخنا النقابي الذي نحته نقابيّون من طينة الكبار والعظماء ويكفينا استحضار مآثر و الزّعيمين النّقابيين “محمّد علي الحامّي” و”فرحات حشّاد”، ويكفينا استذكار نضالاتهما من أجل تحقيق الكرامة الاجتماعية والمهنيّة بصدق ووطنيّة صرفة، ولا شكّ أنّ “الإتّحاد العامّ التّونسي للشّغل” سيظلّ صرحا وطنيّا رائدا في الدفاع عن الشغالين وسيبقى المنظّمة الأمّ، رائدة العمل الوطني والنّقابي، وهو ما يجعل من المستحيل المزايدة على الحراك النقابي كحقّ وواجب أيضا من النّاحية الأخلاقيّة والأدبيّة للشغّالين والنقابيين.

الإضراب مشروع لكي لا تتغوّل الإدارة أو المؤجّر عموما وحتّى لا تستباح حقوق الأجراء في الحياة الكريمة، ولكن وضعنا في تونس اليوم يستوجب النظر بأكثر من عينين لا سيما والهشاشة تضرب أغلب القطاعات وخاصّة وأنّ التّونسي “الزّوّالي” ومتوسّط الدخل كلاهما ليس في حاجة إلى مزيد من تدهور قدرته الشرائيّة جرّاء الغلاء الفاحش وتنامي ظواهر الاحتكار والتجارة الموازية في ظلّ الانتشار “السّرطاني”، عافانا وعافاكم اللّه، للأسواق السوداء التي يقتات “مديروها” من التهريب والتي تفتح على المجهول ومآس حجمها أكبر بكثير ممّا يتخيله التّونسي والتي تبلغ حدّ تجارة الأسلحة وما يجلب ذلك علينا من وبال الإرهاب.

لذلك علينا اليوم جميعا التّشمير عن السّواعد ونكران الذات وحمل معاول البناء والذهاب للعمل بعقليّة الإضافة والإبداع ونفض الخمول وترك عقليّة “رزق البيليك” لكن الأساس أن تراجع الدولة برامجها واستراتيجيّاتها ومخطّطاتها المتعلّقة بالمسألة الاجتماعية للشّغالين باعتبارها الهامّ والمهمّ في هذه الظرفيّة التي يعيش فيها العامل انهيارا كاملا في قدرته الماديّة، الأمر الذي دفع بخبراء في الشّأن الاقتصادي ومختصين في الماليّة وعلماء اجتماع إلى التوافق على الحاجة الملحة إلى مراجعة فصول الميزانيّة العامّة للدولة مراجعة شاملة وإضفاء التغييرات المستوجبة على قانون الماليّة لسنة 2017 بما يستجيب لمقتضيات المرحلة وتطلّعات المواطن الذي يرزح تحت قهر “الدّيون” و غلبة “الكمبيالات” وضغط “السّلفات”، فلم يجد بدّا من أن يعيش وهو يصعّر وجهه لدائنيه في انتظار الفرج.

و يؤكّد أهل العرفان والدراية أيضا أنّنا اليوم بحاجة إلى “قانون ماليّة” يحقّق العدالة الاجتماعية ويكرّس التمييز الإيجابي بمنطق المعقولية والعدل وتجنّب التمايز المجّاني، قانون يضع كلّ الاعتبارات ويأخذ في الحسبان معطيات الواقع وتوقّعات المستقبل، على أن يوظّف الضّرائب أساسا وبالخصوص على كلّ من يحقّق الأرباح الملموسة والمحسوسة والتي يمكن رصدها بسهولة ووضوح وعبر متابعة بسيطة من لجان المراقبة الاقتصادية المختصّة التابعة لهياكل الدولة المعنيّة، توظيف حقيقيّ للضّرائب يمكن أن يدرّ أموالا طائلة تمتلئ منها خزينة الدولة فيتحقّق ازدهار الاقتصاد وتدور عجلته وتتهيّأ بيئة خصبة للاستثمار ويتحقّق الرّفاه المنشود للمواطن.

كافة العقلاء مجمعون على أنّ التّوظيف الجبائي يجب أن يوجّه أساسا وبالضرورة إلى الأطراف الناشطة بقوّة من ذلك الشّركات الخاصّة للاتصالات والخدمات التجاريّة والتسويقيّة والإشهاريّة والعقاريّة التي تبيع منتوجاتها بالمليارات، التوظيف الجبائي يجب أن يوظّف بالشكل المطلوب على مردوديّة الشركات الكبرى الخاصّة ذات المنشأ المحلّي أو الأجنبي الناشطة في مجال نقل الأشخاص والمواد الغذائيّة والبتروليّة والمنجميّة والمواد الاستهلاكية والحياتيّة ثقيلة كانت أم خفيفة، وأيضا من التوظيف الإيجابي النّاجع استخلاص الحقّ الجبائي من المرابيح الهامّة للمصحّات الخاصّة والمقاهي والمطاعم الفاخرة والمنتزهات العائليّة والفضاءات التجاريّة الكبرى ونقاط البيع والتمثيليّات التجاريّة ومراكز النّداء والصيدليّات وقاعات الترفيه والألعاب والشركات الشاغلة للطريق العام والمتصرّفة في الملك العمومي لا سيما التي تعمل بأساليب عشوائيّة في ظلّ “استقالة” النّيابات الخصوصيّة والفراغ المسجّل في نيابات أخرى كثيرة، التوظيف الجبائيّ بالصّيغ القانونيّة يجب أن ينسحب على جميع المعنيين به دون استثناءات لأنّ الاستثناءات والمحاباة وكلّ المراوغات ستؤدّي بنا إلى ما لا يحمد عقباه عبر تكريس نفس المنوال القديم الفاشل.

والمسؤولون المعنيّون بإدارة هذا الملفّ الشّائك في الدّولة ليس أمامهم أيضا من خيار سوى الاجتهاد والخروج بالحلول الكفيلة التي تمكّن من الحدّ من نزيف مديونيّة بلادنا للخارج والتقليص من عجز ميزانيّة الدّولة المتفاقم ومن العجز المستشري في الميزان العامّ والميزان التّجاري، فالقائمون على المال العامّ هم مطالبون أكثر من أيّ وقت فات على صيانة مال المجموعة الوطنيّة والتصرّف فيه بحكمة وترشيد الإنفاق في كلّ وجوهه، والمؤتمنون على المال العام مدعوون إلى توخّي سياسة “التقشّف الإيجابي” التي تراعي أوضاع الفئات الهشّة باعتبارها “محلّك سرّ” كما يقال بل يجب تطال أصحاب الرواتب المنتفخة والمنتفعين بالامتيازات والمنافع وأصحاب المشاريع والمداخيل الكبرى.

وجدير بالذكر أنّ “التقشّف” الذ يتحدّث عنه رئيس الحكومة يوسف الشاهد يوما  يجب أن يشمل في منحاه الإيجابي النّفقات المخصّصة للمساكن المهنيّة للمسؤولين على الصعيد الوطني أو الجهوي أو المحلّي، والميزانيّة المفردة لتنقلاتهم وتأمين حمايتهم وسفراتهم “الذهائيابيّة” إلى الخارج إلى جانب المصاريف المتعلّقة بخلاصات استهلاك الطاقة الكهربائيّة والغاز والماء الصالح للشرب بالنسبة لإدارات الدولة، وحريّ بـ”التقشّف الإيجابي” أن يشمل السيّارات الإداريّة ووصولات البنزين المسندة في غير محلّها أو دون ضرورة توجبها وخاصّة التي تفتقد إلى سند قانوني يوجزها، وهامّ مثلما تقدّم ذكره عقلنة النفقات الجنونيّة التي تسند أحيانا دون وعي أو تقدير للأمور لكبار الموظفين لممارسة نوع من “السّياحات الفارغة” و”شوبينغ” قتل الوقت إلى مختلف بلدان العالم لا يهمّ في ذلك إن كانت الوجهة أدنى الأرض أو أقصاها و”قيّد” على الحضور في ندوة أو مؤتمر أو إجراء دورة تكوينيّة والتي في نهاية المطاف لا تبلّ ولا تعلّ ولا تزيد هذا “السائح بفلوس الشعب” إلاّ طمعا في الفوز برحلة أخرى مجّانيّة، وبالطّبع هذا الأمر لا ينسحب على قلّة قليلة من الكفاءات التي تعمل وتبذل من أجل تونس متطوّرة حديثة وشعبها أكثر رفاها.

سوء التقدير والتصرّف الفوضوي في موارد الدولة ومدخراتها سيجلب إلينا لا محالة موجة جديدة بل طوفانا من الإضرابات نحن اليوم في غنى عنها باعتبار عوزنا الشديد إلى كلّ ساعة عمل ترفع مؤشرات الجهاز التنفسي العامّ للتونسيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com
error: هذا المحتوى غير قابل للنسخ أو الطباعة.

يمكنكم أيضا متابعتنا على صفحتنا على الفيس بوك