الشّاهد والوزير المقال: هيبة الدولة وعلاقات تونس الدبلوماسيّة في الميزان
قرار رئيس الحكومة يوسف الشاهد تفاعلت معه سريعا جهات تونسيّة وخارجيّة تجلّت بالخصوص عبر تعليقات تشابهت في محتواها واتجاهاتها مثمّنة الموقف الرسمي لحكومة الشّاهد، كون القرار يصبّ في مصلحة تونس التي تخطو حثيثة لاستعادة كنه هيبتها وتسعى لاسترجاع سيادة قرارها.
هو قرار فيه رسائل عديدة في مجملها مطمئن للتونسيين بأنّ المسؤول في تونس مسؤول عن أقواله وأفعاله، وأنّ موقع المسؤوليّة في الدولة يقتضي الالتزام بالقوانين والأخلاقيّات والأعراف التي تقرّها الدولة التونسيّة وتعمل وفقها.
قرار الإقالة يؤكّد أنّ هذه الحكومة تراهن على علاقاتها مع الأجوار والأباعد من البلدان العربية والإسلاميّة وكذلك مع الدول الأجنبيّة المختلفة، وربّما هو تأكيد من أصحاب السلطات أنّ المواقف الشخصيّة لا تعني موقف تونس الدولة الجمهوريّة ذات الانتماء والامتداد العربي والإسلامي تاريخيّا وعقائديّا وتراثيّا وثقافيّا، هكذا يقول القرار تونس ليست منسلخة ولا تقبل أن يتمّ جرّها إلى استعداء هذا الطرف أو مناقضة تلك العقيدة حتّى ولو كان من اقترف القول أو الفعل نافذ في الدّولة، وحامل لرتبة وزير.
تونس اليوم تستثمر أساسا في علاقاتها الدبلوماسيّة الطيبة، ولا مجال لغلق أيّ نافذة أو باب من أبواب النفاذ إليها، فنحن أحوج ما يكون إلى السعوديّة وغيرها من الأقطار الخليجيّة وكذلك الشأن بالنسبة لدول المغرب العربي وأوروبا وافريقيا وآسيا وأمريكا اللاّتينيّة.
قرار حكومي لم يكن متوقّعا لكنّه يبدو من خلال التشخيص الأوّلي أنّه أرضى فئات واسعة من المتابعين والمطلعين على الشأن العام في تونس وارتباطات الدولة الخارجيّة، قال البعض أنّه حجر ضرب عصافير كثيرة في الوقت نفسه، لا سيما وتونس تستعدّ لاحتضان أكبر المؤتمرات الاستثمارية عبر تاريخها الحديث، والحضور العربي والأجنبي يرتقب أن يكون مكثّفا.
في قراءة أوليّة لقرار الشاهد إقالة وزير الشؤون الدينيّة هو إقرار بسماحة تونس وعدم تدخّلها أو “تطفّلها” في شؤون وخطابات لا تغني ولا تسمن من جوع وهي في غنى عنها، فاليوم ليس وقت تباغض ولا تناجش ولا استعداء وشحناء مجانيّة، وتونس ليست في حاجة للإثارة أو لانتهاج سياسة إرضاء بعض الأطراف أو الجهات أو غيرها بالتلكؤ أو خلق تجاذب عابر يمكن أن يتحوّل إلى كارثة.
قرار تؤكّد المؤشرات صوابه وتجلي المبرّرات صحته، ربّما نوع من الحزم في طريق بناء تونس ثابتة قويّة اقتصاديّا واجتماعيّا ودبلوماسيتها مثال يحتذى.