ما يمكن البناء عليه بالنسبة لهذا الملفّ، هو الجلسة العامة التي انعقدت يوم الإثنين 30 نوفمبر 2015 لمناقشة ميزانية وزارة المالية لسنة 2016 أمام مجلس نواب الشعب، والتي كشف خلالها وزير الماليّة سليم شاكر أن الوزارة تعكف حاليا على تهيئة العديد من ملفات الشركات والعقارات والسّيارات المصادرة للتفويت فيها مؤكّدا أنّ الدولة صادرت 544 شركة و135 شركة منها متوقّفة عن النشاط و135 شركة أخرى ذات مساهمة ضعيفة من الدّولة مما يعنى أنّ زهاء 270 شركة لا أهمية لها.
وأضاف أنّ 58 شركة من الشّركات المصادرة المتبقية 274 شركة تتصّرف فيها “شركة الكرامة القابضة” المملوكة للدولة فيما تم التفويت في 7 شركات منها خلال سنة 2012 ضخت تمويلات بقيمة 1390 مليون دينار في ميزانية الدولة لا فتا إلى أنّ الحكومة قد انتهت من اعداد ملفات 8 شركات من مجموع 16 شركة تعمل على تجهيز ملفات التّفويت فيها وأنّه يجرى حاليا البحث عن مكاتب للتّفويت في 8 شركات أخرى.
وأكد “شاكر” أن الشركات الصّالحة للتّفويت تقارب 300 شركة في حين أنّ بقية الشّركات المصادرة تحتاج الى فضّ العديد من مشاكلها من ذلك خضوعها حاليا لمتصرف عدلي الى جانب تجميع الوثائق القانونية والتفاهم مع المساهمين حيث أقرّ وزير الماليّة في الوقت نفسه بالصعوبات التي تجابه الحكومة في التعامل مع العقارات المصادرة والتي يبلغ عددها الجملي 593 عقارا لافتا النظر إلى أن 300 عقار من العقارات المصادرة فقط مرسّم بملك الدولة.
وكشف عضو الحكومة أن “لجنة المصادرة” تعمل حاليّا على التفويت في 8 عقارات بقيمة 50 مليون دينار. كما تسعى بمعية الحكومة منذ شهر اوت 2015 الى حل هذا الملف بما يمكن من تعبئة تمويلات للميزانية.
ومن التفاصيل التي أوردها وزير الماليّة أن الوزارة بصدد الإعداد قصد التّفويت في 196 عقار اذ طلبت رفع الائتمان عن 76 عقار وقد تم بالفعل رفع الائتمان عن 35 عقار وهو ما مكّنها من تسلّم 22 منها في انتظار تلقّي اجابات رسميّة بشأن وضعية 41 عقار اخر مشيرا إلى أنّ الوزارة اصدرت طلبات عروض لبيع 13 سيارة مصادرة وأنّ هناك مساع لبيع 25 سيارة فخمة على المستوى الدّولي علما وأنه تم التفويت سابقا في 20 سيارة، وتنتظر 22 سيارة تعيين خبير لتقييمها.
وقد وفّرت السيّارات المصادرة التي تم بيعها ما يناهز 1 مليون دينار تم ضخها في خزينة الدولة حيث تؤكّد الإحصائيّات الرسميّة أنّ أسطول السيارات المصادرة يصل الى 87 سيّارة.
تقريرا لجنة المصادرة في جوان 2015 وديسمبر 2011 عرضت اللجنة في “12 جوان 2015” تقريرا مفصّلا يتضمّن مجمل الانجازات التي حقّقتها والمتمثلة في مصادرة أكثر من 54 مليون دينار من بينهم 511 عقار مسجّلا و26 عقار غير مسجّل و146 عقار لم تستطع اللجنة الحصول على قرار لمصادرتها، كما قامت بمصادرة 661 شركة و14 أصل تجاري.
وكشف التقرير الذي أعدته لجنة المصادرة، والمنشور في منتصف شهر “ديسمبر 2011” عن مصادرة نحو 320 شركة و233 عقارا تعود لأملاك بن علي وأقاربه، وأنّه تمّ اكتشاف 367 حسابا بنكيا جاريا إلى جانب 40 حافظة مالية تحتوي على سندات ومساهمات.
وأعلن أيضا عن مصادرة 223 سيارة منها 35 سيارة وقعت تصفيتها بصفة كاملة وأحيلت جميع ملفاتها على لجنة التصرف أمّا بقية السيارات فمازالت بحوزة المؤتمنين العدليين.
وكشف التقرير عن القيام بـمصادرة 48 سفينة ويخوت سياحية وتجارية وترفيهية تعود ملكية بعضها إلى أشخاص طبيعيين والبعض الأخر على ملك شركات لهؤلاء الأشخاص مساهمات فيها إلى جانب جرد 83 جواد البعض منها تابعة لشركات فلاحية والبعض الآخر على ملك أشخاص طبيعيين وردت أسماؤهم ضمن قائمة المعنيين بالمصادرة.
كما صرّحت اللّجنة وقتها أنّها أحالت لجنة المصادرة 220 عقارا إلى لجنة التصرف إضافة إلى الإعداد لنقل محافظ القيم المنقولة في المدة القادمة وكذلك الأرصدة إلى الخزينة العامة للبلاد التونسية، وذكرت اللجنة أيضا أنها تسعى لاستكمال الإجراءات القانونية لنقل العقارات المسجلة لفائدة الدولة عبر إصدار شهائد الملكية واتمام عمليات التسجيل لنحو 150 عقار لم يكن مسجّلا.
“1050 مليار قيمة الأملاك المصادرة التي كانت مملوكة لعائلة الرئيس المخلوع وأصهاره والمقرّبين منه” هذا ما أكده سليم بسباس حينما كان يشغل رتبة مستشار لدى رئيس الحكومة خلال ندوة انعقدت بتاريخ 18 جويلية 2013، وخصّصت لتقييم حصيلة أعمال التصرّف في الأملاك المصادرة لسنة 2012 والتي نظّمها المجلس الجهوى لهيئة الخبراء المحاسبين بتونس وبن عروس حيث أعلن “بسباس’ عن الاستعداد لبيع عدد من المؤسّسات المصادرة المتخصّصة في قطاع النقل (شركة “ستافيم بيجو” وشركة “ألفا” وكذلك 30 بالمائة من شركة “سيتي كارز” ) إضافة الى تدارس إمكانية التفويت في عدد من العقارات المصادرة.
وقد حرصت الجهات الحكوميّة إلى موفّى سنة 2013 على تعبئة 600 مليون دينار متبقية من برنامج التفويت لسنة 2012 إضافة الى تعبئة تمويلات أخرى من برنامج التفويت في الممتلكات المصادرة لسنة 2013 والتي تقدر بـ900 مليون دينار.
وأبرزت المعطيات المتوفرة تؤكد أنّ عملية تقييم العقارات والشركات والأسهم والمنقولات المصادرة لكل من شملهم المرسوم المؤرّخ في 14 مارس 2011، لا تقل أهمية عن عملية المصادرة في حدّ ذاتها باعتبار أنّ حسن التقييم والتفويت في هذه المنقولات في المرحلة اللازمة وبعد استكمال كل الإجراءات القانونية سيساعد على إثراء خزينة الدولة بمداخيل هامة، إلى جانب ضمان المحافظة على القيمة الحقيقة للأشياء المصادرة.
صعوبات وتعقيدات جمّة عطّلت عمليّة المصادرة أرجعت لجنة المصادرة التّأخير الحاصل في التّفويت إلى تعرّض العديد من المنقولات والعقارات التي كانت على ملك أصهار الرئيس المخلوع إلى النهب والحرق، وكشفت اللجنة أنّ البعض تحوّز على هذه الأملاك دون وجه حقّ إلى جانب سبب آخر هامّ عطّل عمليّة التفويت يتمثّل في حرص الدولة على ضمان المردودية المالية المكافئة لقيمة “المنقولات المصادرة”، حتّى لا تقام عملية التفويت بالخسارة علاوة على أنّ عملية التفويت المجدية بالنسبة للدولة لا تتم إلا بعد استيفاء الشروط القانونية والحصول على رسوم الملكية بالنسبة العقارات.
أمّا بالنسبة للشركات فتبدو العملية “متشعبّة جدا” لأن عملية التفويت لا تتعلق بالدولة فقط بل كذلك بالمتعاملين الاقتصاديين فأغلب الشركات التي وقعت مصادرتها تضم مساهمين ولها أيضا تعاملات مع المزودين والتزامات مع البنوك ولأجل ذلك الدّولة مطالبة، قبل التفويت في الحصة الرّاجعة لها بالنّظر، بالمحافظة على مصالح هؤلاء المساهمين باعتبار الأموال التي استثمروها فضلا عن كون هذه الشركات تظل جزءا لا بأس به في الحراك الاقتصادي.
وكان حافظ الملكيّة العقاريّة جمال العيّاري أفاد في تصريح إعلامي أنّه بالنّسبة للممتلكات المصادرة فإنّ “قرارات المحكمة الإدارية بخصوص قانون المصادرة والتي رفضت إيقاف تنفيذ قرارات لجنة المصادرة بعد استئناف الحكم الابتدائي أرجع الحالة لما كانت عليه، الاستئناف ألغى الحكم الابتدائي وفي الحقيقة فإن المرسوم الذي صدر في 2011 كان تحت ضغط القصبة 1 والقصبة 2، ويبدو أن الدولة تسرعت آنذاك في إصدار المرسوم عدد13 ممّا جعله ينقّح شهرين بعد صدوره لأنه ولد معيبا فصدر المرسوم عدد 47، واليوم بعد 4 سنوات من الثورة لا بد من الاعتراف بأنه يجب النظر إلى موضوع المصادرة من زاوية جديدة”.
ديون “التجمّع” بقيمة 83 مليار ومقرّه بـ 120 مليار
أصدر القاضي المراقب بالمحكمة الابتدائية بتونس يوم الجمعة 03 أفريل 2015، إذنا قضائيا يقضي بتمكين المبنى المركزي للتجمع الدستوري الديمقراطي المنحل لفائدة لجنة تصفية أملاك التجمع التابعة لوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية.
وقد أوضح وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية حاتم العشي، في تصريح صحفي، أن اللجنة بموجب هذا الاذن القضائي بإمكانها التصرف في مقر “التّجمع” المنحلّ سواء بالشّروع في إنجاز اجراءات بيع المبنى المركزي أو الاتفاق مع رئاسة الحكومة من خلال امكانية التفويت فيه لبعض مصالحها.
وأشار “العشّي” الى أن ديون “التّجمع” سنة 2011 تبلغ حوالي 120 مليون دينار وأنّ قيمة المبنى في حدود 150 م د والأرجح أنه في حال بيعه فانه بالإمكان سداد الدائنين وخاصة الصناديق الاجتماعية التي لها متخلّدات بقيمة تناهز 83 مليون دينار.
وتصريحات الوزير دعّمها أكثر تصريح سابق لرئيس لجنة التصفية عادل الكامل الذي أوضح يوم 01 مارس 2015 أن ديون الحزب المصرح بها بلغت في ديسمبر 2014 حوالي 120 مليون دينار، ونسبة 80 بالمائة منها ديون مستحقة لهياكل عمومية لافتا إلى أن تحديد القيمة النّهائية للديون يتوقف على انجاز التدقيق من قبل لجنة التصفية، مضيفا أن الأملاك التي تم حصرها تضم 2500 عقار وحوالي ألف حساب بنكي وألف حساب بريدي ومساهمات في شركات و200 سيارة.
يذكر أنه بعد 4 أعوام من حل الحزب بحكم قضائي بعد الإطاحة بحكم بن علي في 2011 لم يتم حتى الآن حصر جميع أملاك حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي حكم تونس 23 عاما.
كما تقول المعلومات المتواترة أنه وقع مؤخرا رصد قرابة 3 مليارات لصيانته وأن المبلغ قد يرتفع إلى 9 مليارات، وأن مؤسسات رسمية عليا على غرار رئاسة الحكومة والصناديق الاجتماعية وتحديدا “الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”، ترغب حاليا في استغلال هذا المقر لفائدتها وأن منها من أرسل مقترحا في الغرض.
وللإشارة فإنّ ملفّا آخر لا يقلّ أهميّة عن “الأملاك المصادرة” هو “الأموال المنهوبة” التي ما تزال عقبات كثيرة ماثلة في طريق استرجاعها حيث تشير الإحصائيّات الرسميّة إلى أنّ ما تمّت استعادته يتمثّل فحسب في “صكّ من لبنان بـ 28 مليون دولار ووعد سويسري بإرجاع 80 مليون دينار إضافة إلى يخت وحساب مهجور”.