أفيخاي أدرعي .. هل نتعلّم الوصفة السحريّة للنجاح الإتصالي
من أبرز الأسماء في عالم الإعلام والاتصال في الكيان العبري النّاطق أو المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي “أفيخاي أدرعي” المعروف أيضا في أوساطنا نحن العرب والمسلمين والتونسيين لا كإعلامين واتصاليين فحسب وإنّما لدى الرأي العام العادي بمختلف شرائحه، هذا الاتصالي المحسوب على الصهيونيّة بكلّ تمثّلاتها وألوانها يخترق اليوم شيئا فشيئا عالمنا العربي والإسلامي، ويتخطّى الحدود الجغرافيّة ويكسر الحواجز العاطفيّة في طريق كسب ودّ هذه الدول التي “قيل” إنّها تكره بلاده وتناصبها العداء الأبدي من أجل اغتصاب أرض كنعان القديمة، ومن ثمّة استباحة القدس الشّريف ومحاولة تهويده بالكامل.
هذا الاتصالي العسكري الإسرائيلي علاقاته تعدّت حدود المنطق والواقع، باعتبار نجاح هذا “الاتصالي” في كسر كلّ الحواجز والتمكّن من نسج علاقات شخصيّة واسعة مع فئات شتّى من الفلسطينيين خاصّة ممن يصنفون بـ “عرب 48” وجلّ مواطني الضفة الغربيّة، وربّما فئة من سكّا القطاع، وإن كانت لا توجد معطيات رقمية رسميّة في الغرض.
هذا “الأفيخاي” لا ينفكّ يرسل بالتهاني والتباريك للشعب الفلسطيني أو لعائلات فلسطينيّة هنا وهناك، يبارك لهم الأعياد الوطنيّة وكذلك الدينيّة، ويذكر فيما يذكر عنه أنّه نشر سنة 2015 المنقضية مقطع فيديو بعنوان: “معايدة خاصة بمناسبة عيد الأضحى المبارك: لقد زرت مع الشاب محمد الزعبي بيت صديقي المسلم وأسرته (والذين فضلوا عدم الظهور علنًا) لتقديم التهاني بمناسبة العيد”.
مقطع “الفيديو” الذي نزّله هذا “الأفيخاي” على صفحته الرسميّة صوّر مباشرة من بيت فلسطيني قال إنّه لصديقه الذي كان لحظتها جالسا إلى جانبه يبادله الابتسامات والتربيتات الحانية، وأكد أنّه زاره ليقاسمه “فرحة” العيد، نعم بلغ “أدرعي” الصّهيوني، المغتصب جيش بلاده لأرض الغير إلى احتواء الضحيّة وتحويل العداء الذي يكنّه له أهل فلسطين إلى “محبّة” و”قربة”، فكأنّ هذا الصهيوني وصل إلى تحقيق القول الربّاني القدسي الذي يقول “والذي بينك وبينه عداوة كأنّه وليّ حميم”.
هذا الاسم الذي دخل عالم الإعلام والاتصال من جانب قنوات اسرائيليّة عموميّة وخاصّة وفي مقدمتها القناة “العاشرة” وفضائيّات عربيّة عديدة من بينها “الجزيرة” القطريّة، أصبح ماركة اتصاليّة اسرائيليّة مسجّلة، وهو يسوّق لإسرائيل التي تصنع السّلام والجيرة الطيبة مع بقيّة الدول العربيّة الإسلاميّة في وقت تحصد فيه طائراتها ومجنزراتها وآليّاتها العسكرية الأرواح وتدمّر ممتلكات الشعب الفلسطيني، وفي وقت يتنطّط فيه “أفيخاي” وسط بيوت الفلسطينيين ويحتسي معهم القهوة ويأكل من طعامهم ويشرب من شرابهم وهو يضاحكهم ويلاعبهم، في ذلك الوقت يهجّر من يهجّر ويسجن من يسجن ويعذّب من يعذّب من النساء والشيوخ والأطفال على أيدي الجيش العبري.
يظهر “أفيخاي” في بزّة العسكري الإسرائيلي “الملاك” الذي يدهشك خطابه وأنت تصغي لحلاوته، خطاب تلمس فيه طراوة وانسيابيّة ” لا يهمّه في الدوام عليها إن وصفها “عرب السياواسة” بالسّفه والنّفاق ونعتوا صاحبه بـ “الدّاهية”، حاليا يقول عنه كثير من العرب والمسلمين وكذلك من غير العرب والمسلمين “الإسرائيلي العربي” نسبة إلى لغته العربيّة الفصيحة، وبالنظر إلى تلوّنه الحرباوي المعروفة لدى فئة واسعة من الإعلاميين والسياسيين العرب.
وفي غمرة هذا “الاختراق” الذي يقود قاطرته هذا “الأفيخاي” ما زال الإعلام والاتصال عند العرب والمسلمين ينام في سبات عميق وإن قام لبضع الوقت الوجيز فإنّه يقوم متعثّرا وإن قدّر له المشي فإنّه يمشي مكبّا على وجهه من أثر الدوران والدوخة و”الترهويجة” المزمنة التي تنسحب على فئة واسعة من أهله الذين مازالوا بدورهم يتلمّسون الطريقة الصحيحة لهذا الاتصال المهمّش أهله.