الأمن الطاقي بتونس بين المنشود والمعهود
عندما نتحدث عن الأمن الطاقي نقصد به امتلاك مصادر مستديمة لطاقة كافية وغير مرهقة في تكاليفها للدولة والمجتمع خدمة لهذا الجيل والأجيال المقبلة في مجالات اقتصادية واجتماعية وما يترتب عليها من قرارات سياسية.
لا شك أن الأمن الطاقي يأتي في المرتبة الأولى سابقا الأمن الغذائي فوجود الطاقة يتبعه إنتاج الغذاء، ونعتبر أن الحصول على الطاقة هو ما يؤثر في السياسات الدولية والعلاقات بين الفاعلين الذين يسعون إلى السيطرة على مصادرها في العالم.
وعليه فإن على تونس تعزيز أمنها الطاقي من أجل تدعيم استقلالها خدمة لمستقبلها الذي سوف يكون فيه العالم منشغلا بامتلاك الطاقة النظيفة.
ومن جهة أخرى نستطيع القول بأن هذا يعتبر حافزا مهما لتدعيم الأمن الاجتماعي و ذلك بخلق فرص حقيقية للشغل و الإنتاج سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ، وبكل تأكيد على طول الجغرافيا التونسية تدعيما التي تشمل كل ما من شأنه أن يغنيها ماديا و معنويا على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي.
وعندما نتحدث عن الاستخدام الأمثل للطاقة الشمسية من الناحية الاقتصادية نجد أن العائد الفعلي لكل وحدة طاقة أكبر ما يمكن والتكلفة المترتبة على ذلك تكون أقل ما يمكن إلى جانب المحافظة على البيئة بانعدام انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون والتي تسبب التغير المناخي والاحتباس الحراري و التأثير السلبي على الغطاء النباتي، عكس ما يكون من استخدام النفط في إنتاج الكهرباء الذي تكون نتيجة تكلفته عالية جدا و إضراره بالبيئة كبير.
إن الموازنة بين المنفعة والضرر في مثل هذه المشاريع المتجددة تتطلب استراتيجية على مستوى عالي من التخطيط و الكفاءة تندرج تحت بند كل ما يقوم على اعتبارات اقتصاديه واجتماعية أولاً ثم المحافظة على البيئة ثانيا في كل مجالات استخدامات الطاقة من صناعة ونقل و خدمات و تجارة و استخدامات منزلية. إذن الأمن الطاقي والأمن الغذائي ثنائية وجودية لا يمكن فصل إحداهما عن الأخرى وهذا يتطلب قطعا سياسة عمومية استثنائية الحرفية والذكاء وذلك يكون بالنهوض بالبحث العلمي في كل المجالات وتشجيع المبادرات الخلاقة في مجال الابتكار في المستويات ذات الصلة وقراءة مستقبلية في مجال إدارة الأزمات من أجل إيجاد الحلول الكفيلة بمواجهتها.
لذلك فإننا نرى بأن أمن الطاقة في تونس يصب في خانة الأمن الاقتصادي والاجتماعي والذي يؤثر على مستوى البطالة وكل مجالات الحياة و هذا ما يصب و يؤثر على الأمن السياسي بالضرورة سلبا أو إيجابا حسب المنهجية و العقلية التي تتعامل مع هذا المجال الحيوي والمهم، ومن الطبيعي و الضروري أيضا تحويل هذا التصور الطموح إلى برامج استراتيجية ملموسة تؤثر إيجابيا في الاستقرار السياسي و الاجتماعي و السلم الأهلي على المدى المتوسط و البعيد لأن الأمن الطاقي و يتبعه الأمن الغذائي يُعتبر إلى حَدّ كبير مسألة سوسيو اقتصادية و سياسية وطنية وجب التعامل معها كمصلحة قومية و بحذر كبير خصوصا إذا علمنا أن حلف الناتو قد أعطى أمن الطاقة “جهازا وإطارا ” تنظيمياً مميّزا من خلال إنشاء ما أسموه “قسم التحديات الأمنية الناشئة” لرصد التطورات العالمية في هذا الإطار.