أسرار 14 جانفي : الجنرال رشيد عمار يغضب بعد تسليم السلطة وإيقاف سيك سالم والسرياطي تحضيرا لسيناريو العودة
أسرار 14 جانفي : الجنرال رشيد عمار يغضب بعد تسليم السلطة وايقاف سيك سالم والسرياطي تحضيرا لسيناريو العودة.
“عرضوا علي الحكم فرفضت خوفا من أن تفوز حركة النهضة بالسلطة” هذا ما اكده الجنرال رشيد عمار رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق في تصريح صحفي خلال نوفمبر الفارط مشيرا الى أنّ الوزير الاول آنذاك محمد الغنوشي ووزير الداخلية احمد فريعة ووزير الدفاع الوطني رضا قريرة السابقين طلبوا منه ذلك.
تصريح اثار حفيظة عديد المراقبين واعتبر من التصريحات التي تصب في خانة المزايدة السياسية بهدف خدمة صورة حركة النهضة بل جوبه بالتكذيب من القيادات السابقة التي ذكرها الجنرال السابق.
ولم تقف اغلب وسائل الاعلام على نشر التصريحات والاخبار المكذبة لتصريح الجنرال عمار بل انخرطت اغلبها في سرد احداث 14 جانفي 2011 كل حسب وجهة نظره وما تيسر من معلومات ومعطيات بهدف الكشف عن اسرار ظلت غامضة بعد مرور 5 سنوات على الثورة التونسية.
وبالرجوع إلى احداث 14 جانفي 2011 وفق التحقيقات الامنية والقضائية فان تصريحات الجنرال السابق رشيد عمار لا اساس لها من الصحة باعتبار وانه لم يطرح تولي الحكم على أي شخص سوى المبزع والغنوشي وفق ما يقتضيه الدستور التونسي.
بل انه لم يكن مطروحا تسلم أي طرف السلطة آنذاك باعتبار وان حالة الفراغ لم تكن
متوقعة خاصة وان الرئيس السابق الذي القى خطابه الاخير ليلة 13 جانفي 2011 لم يكن ينوي الهروب وكان متشبثا بعرشه الذي تربع عليه لأكثر من عقدين معتبرا ما شهدته البلاد مجرد سحابة صيف عابرة ستمر بمفعول الرصاص الحي الموجه لمتظاهرين غاضبين من نظام همشهم لعشرات السنين.
بن علي لم يهرب!
الرئيس السابق زين العابدين بن الذي توجه من قصر سيدي الظريف إلى القصر الرئاسي بقرطاج صباح يوم 14 جانفي 2011 غادر القصر في نفس اليوم نحو المطار العسكري بالعوينة بهدف ايصال عائلته حيث لم يحمل حتى اغراضه الشخصية.
بل أن بن علي رافق زوجته وابنائه (محمد وحليمة وخطيبها) إلى المطار العسكري بعد حديث جمعه بزوجته ليلى الطرابلسي التي اصرت عليه بضرورة ايصالها إلى المطار بالرغم من أن المدير العام للأمن الرئاسي الجنرال علي السرياطي كان الذي سيتولى مهمة مرافقة العائلة الحاكمة إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمرة ثم العودة بعد قمع التحركات الاحتجاجية التي وصلت إلى العاصمة.
السرياطي الذي تكتم على خبر مرافقته لعائلة بن علي وتوجههم نحو المطار العسكري بالعوينة تم ايقافه بالمطار فور مغادرة بن علي وعائلته دون الاعلان عن السبب الحقيقي من ايقافه بل أن حملة الايقافات طالت كذلك العقيد سامي سيك سالم الذي سجن لمدة 16 يوما.
ايقاف سيك سالم الذي بدا مفاجئا ارجعه العديد خاصة من مؤسسة الأمن الرئاسي إلى الدور الذي لعبه يوم 14 جانفي بهدف تسليم السلطة إلى فؤاد المبزع وفق ما يقتضيه الدستور التونسي.
ووفق التحقيقات الامنية والقضائية فان العقيد سيك سالم – الذي لم يكن يعلم بمغادرة بن علي وعائلته نحو المملكة العربية السعودية- عجز عن الاتصال بالجنرال علي السرياطي (بسبب ايقافه) لمراجعته بخصوص المعلومات التي كانت تداول آنذاك والتي تفيد بتوجه الاف المحتجين من جهتي الكرم (5 الاف) والمرسى (الفين محتج) إلى القصر الرئاسي (ثبت إنها معلومات مغلوطة) الشيء الذي ادخل نوعا من الفوضى داخل القصر ودفع بعض أعوان الأمن الرئاسي إلى مغادرته.
سيك سالم يقلب الموازين
وازاء حالة الانفلات والفوضى التي كان عليها القصر الرئاسي فقد اتصل سيك سالم بعدنان الحطاب باعتباره الاعلى رتبة ونائب المدير العام للأمن الرئاسي وسأله عن مكان تواجده طالبا منه المجيء إلى القصر الرئاسي الا انه فوجئ بالأخير يجيبه حرفيا “شوف بلاصة وخبي راسك” ما اضطر سيك سالم إلى الخروج من قاعة العمليات في اتجاه ساحة القصر اين كان يتواجد مجموعة من رجال الأمن الرئاسي قائلا” معايا ولا لا راهو بن علي هرب …. رانا رجال نخدموا في أمن الرئيس موش في بن علي” فتعالت الهتافات من الجميع “احنا معاك وتحيا تونس”.
وبعد ذلك اتصل سامي سيك سالم بالنقيب المسؤول على التركيز الامني بالقصبة بشير شهيدة وطلب منه أن يمرر الهاتف إلى محمد الغنوشي لإعلامه بالتطورات خاصة وان الاخير لم يكن يعلم بأن بن علي غادر البلاد، في حين تولى مجموعة من أعوان الأمن الرئاسي جلب فؤاد المبزع وعبد الله القلال وفتحي عبد الناظر إلى قصر قرطاج حيث ارسلت 4 مواكب من الأمن الرئاسي لجلب المذكورين الذين وافقوا باستثناء عبد الناظر الذي اغلق هاتفه ورفض الخروج بعد وصول موكب الأمن الرئاسي امام منزله.
وبعد وصول المبزع والقلال إلى القصر الرئاسي توجها رفقة سيك سالم إلى قاعة العمليات المركزية فطلب الاخير من فؤاد المبزع تولي خطة رئاسة الجمهورية فوافق في البداية وتم تهيئة المكان لتسجيل الخطاب وارساله إلى مقر التلفزة الا انه رفض في اللحظات الاخيرة متعللا بعدم قدرته على ذلك لأسباب صحية واقترح أن يتولى القلال رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة الا أن سيك سالم رفض لارتباط اسم الاخير بقضايا التعذيب.
وبمجرد وصول محمد الغنوشي إلى القصر الرئاسي واعلامه برفض المبزع بادر بتولي الرئاسة وفقا للفصل 56 للدستور وتوجه على اثر ذلك رفقة سيك سالم والمبزع والقلال الى ما يعرف بـ”القاعة الزرقاء” بالقصر وتصوير الخطاب.
وبعد تسجيل خطاب 14 جانفي تولى الضابط من الأمن الرئاسي يوسف ساسي ايصال القرص الليزري الى مقر التلفزة التونسية والحرص على بثه.
الجنرال الغاضب وسيناريو العودة!
تولي العقيد سامي سيك زمام الامور كان بعد محاولات عديدة وفاشلة في الاتصال بالجنرال رشيد عمار الذي كان يتولى مهام تسيير الوضع الامني بالبلاد آنذاك.
بل أن اول اتصال هاتفي بينهما طلب فيه سيك سالم من الجنرال عمّار الالتحاق بالقصر الرئاسي الا أن الاخير رفض مشيرا الى انه لا يتلقى تعليمات الا من وزير الدفاع.
وبعد بث الخطاب اتصل رشيد عمّار بسامي سيك سالم وكان غاضبا بسبب تولي الغنوشي الحكم آنذاك وطلب من عدنان الحطاب تولي الاشراف على الأمن الرئاسي باعتباره الاعلى رتبة.
ربما ترجم غضب الجنرال رشيد عمار بإيقاف العقيد سامي سيك سالم بعد يوم فقط من تولي الغنوشي الحكم وفق للدستور بل أن ايقاف سيك سالم والسرياطي وبعض أعوان الأمن الرئاسي وتزامنه مع حملات اعلامية شنت من بعض القنوات التلفزية تفيد بإطلاق أعوان الأمن الرئاسي النار على وحدات من الجيش والامن الوطنيين فسره عديد المراقبين على انه تهيئة لإمكانية رجوع الرئيس السابق بن علي خلال شهر جانفي 2011 خاصة وان الاخير كان قد اتصل بالغنوشي والمبزع عقب بث الخطاب وطالبهما بضرورة بث تكذيب.
كما أن الاتهامات التي وجهت لأعوان الأمن الرئاسي وبث معلومات مغلوطة تفيد بإطلاق وحدات من الأمن الرئاسي النار على المتظاهرين واعوان من الأمن والجيش استند على
وثائق رسمية صادرة عن وزارة الدفاع الوطني وتحديدا الادارة العامة للأمن العسكري الذي كان يتراسها آنذاك الجنرال شبير وهو ما يؤيد نظرية سيناريو رجوع بن علي وتحميل مسؤولية تنحيته عن الحكم للعقيد سيك سالم والجنرال السرياطي وبعض أعوان الأمن الرئاسي.